أن يُفسِّر القرآن تفسيراً عقلياً مقبولاً، وجعلوا هذه العلوم بمثابة أدوات تعصم المفسِّر من الوقوع فى الخطأ، وتحميه من القول على الله بدون علم. وإليك هذه العلوم مفصَّلة، مع توضيح ما لكل علم منها من الأثر فى الفهم وإصابة وجه الصواب:
الأول - علم اللغة: لأن به يمكن شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع، قال مجاهد:"لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم فى كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب"، ثم إنه لا بد من التوسع والتبحر فى ذلك، لأن اليسير لا يكفى، إذ ربما كان اللفظ مشتركاً، والمفسِّر يعلم أحد المعنيين ويخفى عليه الآخر، وقد يكون هو المراد.
الثانى - علم النحو: لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب، فلا بد من اعتباره. أخرج أبو عبيدة عن الحسن أنه سُئِل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حُسن المنطق ويقيم بها قراءته فقال: حسن فتعلمها، فإن الرجل يقرأ الآية فيعيى بوجهها فيهلك فيها.
الثالث - علم الصرف: وبواسطته تُعرف الأبنية والصيغ. قال ابن فارس:"ومَن فاته المعظم، لأنَّ "وجد" مثلاً كلمة مبهمة، فإذا صرفناها اتضحت بمصادرها"، وحكى السيوطى عن الزمخشرى أنه قال:"من بدع التفاسير قول مَن قال: إن الإمام فى قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}[الإسراء: ٧١] جمع "أُمّ"، وأن الناس يُدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم قال: وهذا غلط أوجبه جهله بالتصريف، فإن "أُمَّاً" لا تُجمع على إمام".
الرابع - الاشتقاق: لأن الاسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين، اختلف باختلافهما، كالمسيح مثلاً، هل هو من السياحة أو من المسح؟
الخامس والسادس والسابع - علوم البلاغة الثلاثة "المعانى، والبيان، والبديع": فعلم المعانى، يُعرف به خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، وعلم البيان، يُعرف به خواص التراكيب من حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها، وعلم البديع، يُعرب به وجوه تحسين الكلام..