للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: الرجوع إلى القرآن نفسه، وذلك بأن ينظر فى القرآن نظرة فاحص مُدَقِّق، ويجمع الآيات التى فى موضوع واحد، ثم يقارن بعضها ببعضها الآخر، فإن من الآيات ما أُجْمَل فى مكان وفُسِّر فى مكان آخر، ومنها ما أُوجز فى موضع وبُسِط فى موضع آخر، فيحمل المُجمَل على المُفسَّر، ويشرح ما جاء موجزاً بما جاء مُسهباً مُفصَّلاً، وهذا هو ما يسمونه تفسير القرآن بالقرآن، فإن عدل عن هذا وفسَّر برأيه فقد أخطأ وقال برأيه المذموم.

ثانياً: النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم، مع الاحتراز عن الضعيف والموضوع فإنه كثير، فإن وقع له تفسير صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس له أن يعدل عنه ويقول برأيه، لأن النبى صلى الله عليه وسلم مؤيَّد من ربه، وموكول إليه أن يُبَيِّن للناس ما نُزِّل إليهم، فمَن يترك ما يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم فى التفسير إلى رأيه فهو قائل بالرأى المذموم.

ثالثاً: الأخذ بما صحّ عن الصحابة فى التفسير، ولا يغتر بكل ما يُنسب لهم من ذلك، لأن فى التفسير كثيراً مما وُضِع على الصحابة كذباً واختلاقاً، فإن وقع على قول صحيح لصحابى فى التفسير، فليس له أن يهجره ويقول برأيه، لأنهم أعلم بكتاب الله، وأدرى بأسرار التنزيل، لِمَا شاهدوه من القرائن والأحوال، ولما اختُصوا به من الفهم التام والعلم الصحيح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة: الخلفاء الراشدين، وأُبَىّ بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس وغيرهم، وقد سبق لنا أن عرضنا لقول الصحابى، هل له حكم المرفوع أو لا، واستوفينا الكلام فى ذلك بما يُغنى عن إعادته هنا.

ثم هل للمفسِّر أن يعدل عن أقوال التابعين فى التفسير، أو لا بد له من الرجوع إلى أقوالهم؟ خلاف سبق لنا أن عرضنا له أيضاً فلا داعى لإعادته.

رابعاً: الأخذ بمطلق اللغة، لأن القرآن نزل بلسان عربى مبين، ولكن على المفسِّر أن يحترز من صرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة، يدل عليها القليل من كلام العرب، ولا توجد غالباً إلا فى الشعر ونحوه، ويكون المتبادر خلافها، روى البيهقى فى الشُعَب عن مالك رضى الله عنه أنه قال: "لا أُوتِىَ برجلٍ غير عالِم بلغة العرب يُفسِّر كتاب الله إلا جعلته نكالاً".

خامساً: التفسير بالمقتضى من معنى الكلام والمتقضب من قوة الشرع، وهذا هو الذى دعا به النبى صلى الله عليه وسلم لابن عباس حيث قال: "اللَّهم فقِّهه فى الدين وعلِّمه التأويل" والذى عناه علىُّ رضى الله عنه بقوله - حين سُئِل: هل عندكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ بعد القرآن؟ فقال: "لا والذى فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهم يؤتيه الله عَزَّ وجَلَّ رجلاً فى القرآن".

<<  <  ج: ص:  >  >>