للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير مُراد فى الآية، وإنما المراد معنى آخر غير ما وضع له اللفظ بقرينة السياق مثلاً، فيخطئ المفسِّر فى تعيين المعنى المراد، لأنه اكتفى بظاهر اللغة، فشرح اللفظ على معناه الوضعى، وذلك كتفسير لفظ "مبصرة" فى قوله تعالى فى الآية [٥٩] من سورة الإسراء: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ الناقة مُبْصِرَةً} بجعل "مبصرة" من الإبصار بالعين، على أنها حال من الناقة، وهذا خلاف المراد، إذ المراد: آية واضحة.

* *

* التعارض بين التفسير المأثور والتفسير بالرأى:

قلنا إن التفسير بالرأى قسمان: قسم مذموم غير مقبول، وقسم ممدوح ومقبول، أما القسم المذموم، فلا يعقل وجود تعارض بينه وبين المأثور، لأنه ساقط من أول الأمر، وخارج عن محيط التفسير بمعناه الصحيح.

وأما التفسير بالرأى المحمود، فهذا هو الذى يعقل التعارض بينه وبين التفسير المأثور، وهذا هو الذى نريد أن نتكلم فيه ونعرض له بالبحث والبيان، غير أنه يتحتم علينا - ليكون الكلام على بصيرة - أن نعرض لبيان معنى هذا التعارض فنقول:

التعارض بين التفسير العقلى والتفسير المأثور معناه التقابل والتنافى بينهما، وذلك بأن يدل أحدهما على إثبات أمر مثلاً، والآخر يدل على نفيه، بحيث لا يمكن اجتماعهما بحال من الأحوال، فكأن كلاً منهما وقف فى عرض الطريق فمنع الآخر من السير فيه. وأما إذا وجدت المغايرة بينهما بدون منافاة وأمكن الجمع، فلا يُسمى ذلك تعارضاً، وذلك كتفسيرهم: {الصراط المستقيم} بالقرآن، وبالإسلام، وبطريق العبودية، وبطاعة الله ورسوله، فهذه المعانى وإن تغايرت غير متنافية ولا متناقضة، لأن طريق الإسلام هو طريق القرآن، وهو طريق العبودية، وهو طاعة الله ورسوله. ومثلاً تفسيرهم لقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات}

<<  <  ج: ص:  >  >>