قيام الليل والحث عليه".. ثم يسوق فى ذلك أحاديث كثيرة عن النبى صلى الله عليه وسلم كلها تدور على البخارى ومسلم والترمذى.
وهكذا نجد هذا التفسير يطرق موضوعات كثيرة فى نواح من العلم مختلفة. ولكن شُهْرته القَصصية، وسُمْعه الإسرائيلية، أساءت إليه كثيراً، وكادت تصد الناس عن الرجوع إليه والتعويل عليه!!. ولعل الله يهيئ لهذا الكتاب مَنْ يُعَلِّق عليه بتعليقات توضح غَثَّهُ مِنْ سَمِينه، وتستخلص صحيحه مِنْ سقيمه. والكتاب مطبوع فى سبعة أجزاء متوسطة الحجم، وهو متداوَل بين الناس، خصوصاً مَنْ له شغف بالقَصص وولوع بالأخبار.
* * *
٥ - البحر المحيط (لأبى حيان)
* التعريف بمؤلف هذا التفسير:
مؤلف هذا التفسير هو أثير الدين، أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن علىّ بن يوسف بن حيان، الأندلسى، الغرناطى، الحيَّانى، الشهير بأبى حيَّان، المولود سنة ٦٥٤ هـ (أربع وخمسين وستمائة من الهجرة) .
كان - رحمه الله - مُلِّماً بالقراءات صحيحها وشاذها، قرأ القرآن على الخطيب عبد الحق بن علىّ إفراداً وجمعاً، ثم على الخطيب أبى جعفر ابن الطباع، ثم على الحافظ أبى علىّ بن أبى الأحوص بمالقة، وسمع الكثير من العلماء ببلاد الأندلس وإفريقية، ثم قَدِمَ الإسكندرية فقرأ القراءات على عبد النصير بن علىّ المريوطى، وبمصر على أَبى طاهر إسماعيل بن عبد الله المليجى، ولازم بها الشيخ بهاء الدين بن النحاس، فسمع عليه كثيراً من كتب الأدب. قال أبو حيان: "وعدة مَن أخذتُ عنه أربعمائة وخمسون شخصاً، وأما مَنْ أجازتى فكثير جداً" وقال الصفدى: "لم أره قط إلا يسمع، أو يشتغل، أو يكتب، أو ينظر فى كتاب، ولم أره على غير ذلك".
كذلك عُرِف أبو حيان، بكثرة نظمه للأشعار والموشحات، كما كان على جانب كبير من المعرفة باللغة، أما النحو والتصريف فهو الإمام المطلق فيهما، خدم هذا الفن أكثر عمره، حتى صار لا يُذكر أحد فى أقطار الأرض فيهما غيره، وبجانب هذا كله كان لأبى حيان اليد الطولى فى التفسير، والحديث، وتراجم الرجال، ومعرفة طبقاتهم، خصوصاً المغاربة.
ولقد أخذ كثير عنه العلم حتى صار من تلامذته أئمة وأشياخ فى حياته، وهو الذى جَسَّر الناس على كتب ابن مالك ورَغَّبتهم فيها وشرح لهم غامضها. وأما مؤلفاته فكثيرة، انتشرت فى حياته وبعد وفاته فى كثير من أقطار الأرض وتلقاها الناس