للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقبول، ومن أهمها: تفسير البحر المحيط الذى نحن بصدده الآن، وغريب القرآن فى مجلد واحد، وشرح التسهيل، ونهاية الإعراب، وخلاصة البيان، وله منظومة على وزن الشاطبية فى القراءات بغير رموز، وهي أخصر وأكثر فوائد، ولكنها لم تُرزق من القبول حظ الشاطبية هذا، وقد قيل: إن أبا حيان كان ظاهرى المذهب، ثم رجع عنه وتبع الشافعى على مذهبه، وكان عرياً من الفلسفة، بريئاً من الاعتزال والتجسيم، متمسكاً بطريقة السَلَف. أما وفاته فكانت بمصر سنة ٧٤٥ هـ (خمس وأربعين وسبعمائة من الهجرة) ، فرحمه الله ورضى عنه.

* *

* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:

يقع هذا التفسير فى ثمان مجلدات كبار، وهو مطبوع ومتداول بين أهل العلم. ومعتبر عندهم المرجع الأول والأهم لمن يريد أن يقف على وجوه الإعراب الألفاظ القرآن الكريم، إذ أن الناحية النحوية هى أبرز ما فيه من البحوث التى تدور حول آيات الكتاب العزيز، والمؤلف إذ يتكلم عن هذه الناحية، فهو ابن بجدتها، وفارس حلبتها، غير أنه - والحق يقال - قد أكثر من مسائل النحو فى كتابه، مع توسعه فى مسائل الخلاف بين النحويين، حتى أصبح الكتاب أقرب ما يكون إلى كتب النحو منه إلى كتب التفسير.

هذا.. وإن أبا حيان وإن غلبت عليه الصناعة النحوية فى تفسيره إلا أنه مع ذلك لم يُهمل ما عداها من النواحى التى لها اتصال بالتفسير، فنراه يتكلم على المعانى اللغوية للمفردات، ويذكر أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والقراءات الواردة مع توجيهها، كما أنه لا يغفل الناحية البلاغية فى القرآن، ولا يهمل الأحكام الفقهية عندما يمر بآيات الأحكام، مع ذكره لما جاء عن السلف ومن تقدمه من الخلف فى ذلك، كل هذا على طريقة وضعها لنفسه، ومشى عليها فى كتابه، ونبهنا عليها فى مقدمته، وذلك حيث يقول:

"وترتيبى فى هذا الكتاب، أنى أبتدئ أولاً بالكلام على مفردات الآية التى أفسرها لفظة لفظة، فيما يحتاج إليه من اللغة والأحكام النحوية التى لتلك اللفظة قبل التركيب، وإذا كان للكلمة معنيان أو معان ذكرتُ ذلك فى أول موضع فيه تلك الكلمة، ليُنظر ما يناسب لها من تلك المعانى فى كل موضع تقع فيه فيْحمل عليه، ثم أشرع فى تفسير الآية ذاكراً سبب نزولها إذا كان لها سبب، ونسخها، ومناسبتها، وارتباطها بما قبلها، حاشداً فيها القراءات، شاذها ومستعملها. ذاكراً توجيه ذلك فى علم العربية، ناقلاً أقاويل السَلَف والخلَف فى فهم معانيها، متكلماً

<<  <  ج: ص:  >  >>