للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا.. وقد قال صاحب كشف الظنون بعد ما نقلناه عنه آنفاً بقليل: "ولم يتكلم الشيخان على البسملة، فتكلَّم عليها بأقل مما ينبغى من الكلام بعض العلماء من زبيد وكتب ذلك حاشية بالهامش، وهذا صحيح، فإن الجلال المحلَّى لم يتكلم عن تفسير البسملة مطلقاً فى الجزء الذى فسَّره، لا فى أول سورة الكهف، ولا فى أول فاتحة الكتاب، كذلك الجلال السيوطى، لم يتكلَّم عن تفسيرها مطلقاً فى الجزء الذى فسَّره.

وبعد هذا.. فالجلال المحلَّى، فسَّر الجزء الذى فسَّره بعبارة موجزة محررة، فى غاية الحسن ونهاية الدقة. والجلال السيوطى تابعه على ذلك ولم يتوسع؛ لأنه التزم بأن يتم الكتاب على النمط الذى جرى عليه الجلال المحلَّى، كما أوضح هو ذلك فى مقدمته، وذكر فى خاتمة سورة الإسراء أنه ألَّف الجزء الذى ألَّفه فى قدر ميعاد الكليم، وهو أربعون يوماً، كما ذكر فى هذا الموضوع نفسه: أنه استفاد فى تفسيره من تفسير الجلال المحلَّى، وأنه اعتمد عليه فى الآى المتشابهة، كما أنه اعترف - جازماً - بأن الذى وضعه الجلال المحلَّى فى قطعته أحسن مما وضعه هو بطبقات كثيرة".

وعلى الجملة.. فالسيوطى قد نهج فى تفسيره منهج المحلَّى "من ذكر ما يفهم من كلام الله تعالى، والاعتماد على أرجح الأقوال، وإعراب ما يحتاج إليه، والتنبيه على القراءات المختلفة المشهورة، على وجه لطيف، وتعبير وجيز، وترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية، وأعاريب محلها كتب العربية".

ولا شك أن الذى يقرأ تفسير الجلالين، لا يكاد يلمس فرقاً واضحاً بين طريقة الشيخين فيما فسَّراه، ولا يكاد يحس بمخالفة بينهما فى ناحية من نواحى التفسير المختلفة، اللَّهم إلا فى مواضع قليلة لا تبلغ العشرة كما قيل.

فمن هذه المواضع أن المحلَّى فى سورة (ص) فَسَّرَ "الروح": بأنها جسم لطيف يحيا به الإنسان بنفوذه فيه. والسيوطى تابعه على هذا التفسير فى سورة الحِجْر ثم ضرب عليه لقوله تعالى فى الآية [٨٥] من سورة الإسراء: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً} فهى صريحة أو كالصريحة فى أن الروح من علم الله تعالى، فالإمساك عن تعريفها أولى.

ومنها: أن المحلَّى قال فى سورة الحج: "الصابئون: فرقة من اليهود"، والسيوطى فى

<<  <  ج: ص:  >  >>