مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} فسَّرتها الآية [٢٣] من سورة الأعراف: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين} .. ومنه قوله تعالى فى سورة الأنعام آية [١٠٣] : {لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار} فسَّرتها آية: {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} الآية [٢٣] من سورة القيامة. ومنه قوله تعالى فى سورة المائدة آية [١] : {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ} .. فسرتها آية {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة} الآية [٣] من السورة نفسها.
ومن تفسير القرآن بالقرآن حمل المُطْلق على المُقيَّد، والعام على الخاص، فمن الأول: ما نقله الغزالى عن أكثر الشافعية من حمل المُطْلَق على المُقيَّد فى صورة اختلاف الحكمين عند اتحاد السبب، ومثَّلَ له بأية الوضوء والتيمم، فإن الأيدى مُقيَّدة فى الوضوء بالغاية فى قوله تعالى فى سورة المائدة آية [٦] : {فاغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق} .. ومطلقة فى التيمم فى قوله تعالى فى الآية نفسها:{فامسحوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ} .. فقيدت فى التيمم بالمرافق أيضاً، ومن أمثلته أيضاً عند بعض العلماء: آية الظَهَار مع آية القتل، ففى كفَّارة الظَهَار يقول الله تعالى فى سورة المجادلة آية [٣] : {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} .. وفى كفَّارة القتل، يقول فى سورة النساء آية [٩٢] : {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} .. فيحُمل المطلق فى الآية الأولى على المُقيَّد فى الآية الثانية، بمجرد ورود اللفظ المقيد من غير حاجة إلى جامع عند هذا البعض من العلماء.
ومن الثانى: نفى الخُلَّة والشفاعة على جهة العموم فى قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ والكافرون هُمُ الظالمون} .. وقد استثنى الله المتقين من نفى الخلة فى قوله:{الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين} .. واستثنى ما أذن فيه من الشفاعة بقوله:{وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي السماوات لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله لِمَن يَشَآءُ ويرضى} .. ومثل قوله تعالى:{مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ} .. فإن ما فيها من عموم خصُصِّ بمثل قوله:{وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} ..
ومن تفسير القرآن بالقرآن: الجمع بين ما يُتوهم أنه مختلف، كخلق آدم من تراب فى بعض الآيات، ومن طين فى غيرها، ومن حمأ مسنون، ومن صلصال، فإن هذا ذكر للأطوار التى مَرَّ بها آدم من مبدأ خلقه إلى نفخ الروح فيه.
ومن تفسير القرآن بالقرآن: حمل بعض القراءات على غيرها، فبعض القراءات تختلف مع غيرها فى اللفظ وتتفق فى المعنى، فقراءة ابن مسعود رضى الله عنه: "أو