يكون لك بيت من ذهب" تفسِّر لفظ الزخرف فى القراءة المشهورة: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ} .. وبعض القراءات تختلف مع غيرها فى اللفظ والمعنى، وإحدى القراءتين تُعيِّن المراد من القراءة الأخرى، فمثلاً قوله تعالى:{ياأيها الذين آمنوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجمعة فاسعوا إلى ذِكْرِ الله} .. وفسَّرتها القراءة الأخرى: "فامضوا إلى ذكر الله"، لأنَ السعَى عبارة عن المشى السريع، وهو وإن كان ظاهر اللفظ إلا أن المراد منه مجرد الذهاب.
وبعض القراءات تختلف بالزيادة والنقصان، وتكون الزيادة فى إحدى القراءتين مفسِّرة للمجمل فى القراءة التى لا زيادة فيها، فمن ذلك: القراءة المنسوبة لابن عباس: "ليس عليكم جُناحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم فى مواسم الحج".. فسَّرت القراءة الأخرى التى لا زيادة فيها، وأزالت الشك من قلوب بعض الناس الذين كانوا يتحرَّجون من الصفق فى أسواق الحج.. والقراءة المنسوبة لسعد بن أبى وقاص: "وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السُدُس".. فسَّرت القراءة الأخرى التى لا تعرض فيها لنوع الأخوة.
وهنا تختلف أنظار العلماء فى مثل هذه القراءات فقال بعض المتأخرين: إنها من أوجه القرآن، وقال غيرهم: إنها ليست قرآناً، بل هى من قبيل التفسير، وهذا هو الصواب: لأن الصحابة كانوا يفسِّرون القرآن ويرون جواز إثبات التفسير بجانب القرآن فظنها بعض الناس - لتطاول الزمن عليها - من أوجه القراءات التى صحَّت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواها عنه أصحابه.
ومما يؤيد أن القراءات مرجع مهم من مراجع تفسير القرآن بالقرآن، ما روى عن مجاهد أنه قال: "لو كنتُ قرأتُ قراءة ابن مسعود قبل أن أسأل ابن عباس ما احتجتُ أن أسأله عن كثير مما سألته عنه".
هذا هو تفسير القرآن بالقرآن، وهو ما كان يرجع إليه الصحابة فى تعرف بعض معانى القرآن، وليس هذا عملاً آلياً لا يقوم على شيء من النظر، وإنما هو عمل يقوم على كثير من التدبر والتعقل، إذ ليس حمل المجمل على المبين، أو المطلق على المقيد، أو العام على الخاص، أو إحدى القراءتين على الأخرى بالأمر الهين الذى يدخل تحت مقدور كل إنسان، وإنما هو أمر يعرفه أهل العلم والنظر خاصة.
ومن أجل هذا نستطيع أن نوافق الأستاذ جولدزيهر على ما قاله فى كتابه "المذاهب الإسلامية فى تفسير القرآن" من أن: "المرحلة الأولى لتفسير القرآن والنواة التى بدأ