شانئهم، بحيث لا خير أخبر به إلا وهو فيهم وفى أتباعهم وعارفيهم، ولا سوء ذُكِر فيه إلا وهو صادق على أعدائهم وفى مخالفيهم. قال:"ويستبين ذلك فى ثلاث مقالات:
المقالة الأولى: فى بيان ما يوضح المقصود بحسب الأخبار الواردة فى خصوص هذه المقدمة، وهى تتم بفصول. ثم ذكر ثلاثة فصول.
جعل الفصل الأول منها فى بيان نبذ مما يدل على أن للقرآن بطوناً ولآياته تأويلات. وأن مفاد فقرات القرآن غير مقصور على أهل زمان واحد، بل لكل منها تأويل يجرى فى كل أوان وعلى أهل كل زمان ...
ثم ساق الروايات الدالة على ذلك وكلها مسندة إلى آل البيت، فمن هذه الروايات ما رواه العياشى وغيره عن جابر قال: "سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من تفسير القرآن فأجابنى، ثم سألته ثانية فأجابنى بجواب آخر، فقلت: جُعِلتُ فداك، كيف أجبتَ فى هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟ فقال لى: يا جابر؛ إن للقرآن بطناً، وللبطن بطناً وظهراً. يا جابر؛ وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن.. إن الآية ليكون أولها فى شئ وآخرها فى شئ وهو كلام متصل يتصرف على وجوه".
ثم عقب المولى عبد اللطيف على هذا الخبر فقال: "دلالة مبدأ هذا الخبر على وجود تأويل له باطن وظاهر، وعلى تعدد تأويل آية واحدة، وعلى عدم تنافى تأويل أول آية فى شئ وآخرها فى آخر، بل عدم تنافى التفسير بالظاهر فى أولها والباطن فى آخرها أو بالعكس ظاهرة، فإذا سمعت شيئاً من ذلك فلا تنكره، لأنهم عليهم السلام أعلم بالتنزيل والتأويل، وبما فيه إصلاح السائل والسامع، ولهذا ورد:"إن القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن الوجوه". ويؤيده ما فى الكافى عن الصادق عليه السلام أنه قال لعمر بن يزيد لما سأله عن قوله تعالى:{والذين يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ}[الرعد: ٢١] : هذه نزلت فى رحم آل محمد صلى الله عليه وسلم وقد يكون فى قرابتك، فلا تكونن ممن يقول للشئ إنه فى شئ واحد".
ومن هذه الروايات ما نقله عن كتاب العلل بإسناده إلى أبى حكيم الزاهد قال: حدثنى أبو عبد الله بمكة قال: "بينما أمير المؤمنين عليه السلام مار بفناء الكعبة إذ نظر إلى رجل يصلى فاستحسن صلاته، فقال: يا هذا الرجل؛ إن الله تبارك وتعالى ما بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بأمر من الأمور إلا وله متشابه وتأويل وتنزيل، وكل ذلك على التعبد، فمَن لم يعرف تأويل صلاته فصلاته كلها خداج ناقصة غير تامة".
ثم عقب المولى على هذا فقال: "الظاهر أن المراد المتشابه الشبيه، وبالتأويل الباطن، وبالتنزيل الظاهر، وبالتعبد سبيل الإطاعة، والمعنى: أن كل ما جاء به النبى