صلى الله عليه وسلم وأمر به الظاهر فله شبيه ونظير مأمور به فى الباطن، ويلزم الإيمان بهما جميعاً، فمَن لم يعرف شبيه الصلاة وباطنها الذى هو الإمام وإطاعته - كما سيأتى - فصلاته الظاهرية ناقصة" (ص ٣-٤) .
وعند الفصل الثانى فى ذكر الأخبار الصريحة فى أن بطن القرآن وتأويله، إنما - هو بالنسبة إلى الأئمة - وولايتهم وأتباعهم وما يتعلق بذلك، فكان من جملة الأخبار التى ساقها: ما رواه الكلينى بإسناده إلى أبى بصير قال: "قال الصادق عليه السلام: يا أبا محمد؛ ما من آية تقود إلى الجنة ويُذكر أهلها بخير إلا وهى فينا وفى شعيتنا، وما من آية نزلت يُذكر أهلها بشر وتسوق إلى النار إلا وهى فى عدونا ومَن خالفنا".
وما نقله عن الكافى وتفسير العياشى وغيرهما، عن محمد بن ميمون، عن الكاظم عليه السلام فى قوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأعراف: ٣٣] .. قال: القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرَّم الله فى الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحَلَّ الله فى الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أمئة الحق.
وما رواه عن الباقر عليه السلام قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبته يوم الغدير: "معاشر الناس؛ هذا علىّ أحقكم بى، وأقربكم إلىّ، والله أنا عنه راضيان، وما نزلت آية رضا إلا فيه، وما خاطب الذين آمنوا إلا بدأ به، وما نزلت آية مدح فى القرآن إلا فيه. معاشر الناس؛ إن فضائل علىّ عند الله عَزّ وجَلَّ، وقد أنزلها علىّ فى القرآن أكثر من أن أحصيها فى مكان واحد، فمن نبأكم بها وعرفها فصدِّقوه".
وما رواه عن عبد الله بن سنان أنه قال: قال ذريح المحاربى: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ}[الحج: ٢٩] . فقال: المراد لقاء الإمام، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام وقلت له: جُعِلتُ فداك، قوله عَزَّ وجَلَّ:{ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ} .. قال: أخذ الشارب، وقص الأظافر، وما أشبه ذلك. فحكيت له كلام ذريح فقال: صدق ذريح وصدقت، إن للقرآن ظاهراً وباطناً ومَن يحتمل ما يحتمل ذريح؟ ثم عقَّب المولى على هذا فقال: "الكلام من الإمام عليه السلام صريح فى أنهم عليهم السلام كانوا يكتمون أمثال هذه التأويلات عن أكثر الناس، حتى عن ابن سنان الذى كان من فضلاء أصحابه" (ص ٥) .
وعقد الفصل الثالث فى بيان نبذ مما يدل على وجوه تناسب الظواهر مع البطون، وجهات تشابه أهل التأويل مع أهل التنزيل فقال: "اعلم أن ما دلَّت عليه الأخبار الماضية، وما تدل عليه الأخبار التى ستأتى من المعانى الباطنة والتأويلات. ليست جملتها مما استعمل فيها اللفظ على سبيل الحقيقة، بل أكثرها ومعظمها على طريق