للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذى أنزلناه هو ما أظهرناه من الآيات على فضلهم ومحلهم، كالغمامة التى تظل رسول الله فى أسفاره، والمياه الأجاجة التى كانت تعذب فى الآبار بريقه، والأشجار التى كانت تتهدل ثمارها بنزوله تحتها، والعاهات التى كانت تزول بمسح يده عليها أو بنفث ريقه فيها، وكالآيات التى ظهرت على علىّ من تسليم الجبال والصخور والأشجار قائلة: يا ولى الله ويا خليفة رسول الله، والسموم القاتلة التى تناولها مَن سمَّى باسمه عليها ولم يصبه بلاؤها ... وسائر ما خصَّه الله تعالى به من فضائله، فهذا من الهدى الذى بيَّنه الله للناس فى كتابه ... إلخ.

* *

* روايات مكذوبة فى فضل أهل البيت:

وعند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٣] من سورة البقرة: {الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب} .. يقول: "ثم وصف هؤلاء المتقين الذين هذا الكتاب هدىً لهم فقال: {الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب} يعنى بما غاب عن حواسهم من الأُمور التى يلزمهم الإيمان بها: كالبعث، والنشور، والحساب، والجنَّة، والنار، وتوحيد الله تعالى، وسائر ما لا يُعرف بالمشاهدة وإنما يُعرف بدلائل قد نصبها الله عَزَّ وجَلَّ عليها: كآدم، وحواء، وإدريس، ونوح، وإبراهيم، والأنبياء الذين يلزمهم الإيمان بهم بحجج الله تعالى وإن لم يشاهدوهم، ويؤمنون بالغيب وهم من الساعة مشفقون، وذلك أن سلمان الفارسى مَرَّ بقوم من اليهود فسألوه أن يجلس إليهم ويُحدِّثهم بما سمع من محمد فى يومه هذا، فجلس إليهم لحرصه على إسلامهم فقال: سمعتُ محمداً يقول: إن الله عَزَّ وجَلَّ يقول: يا عبادى؛ أوَ ليس مَن له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلا أن يتجمل عليكم بأحب الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعه؟ ألا فاعلموا أن أكرم الخلق علىّ وأفضلهم لدىَّ محمد وأخوه علىّ، ومن بعده الأئمة الذين هم الوسائل إلىَّ، ألا فليَدُعُنى مَن أَهْمَّته حاجة يريد نفعها، أو دهته دهياء يريد كف ضررها، بمحمد وآله الأفضلين الطيبين الطاهرين أقضها له أحسن مما يقضيها مَن تشفعون إليه بأعزِّ الخلق عليه. قالوا لسلمان - وهم يستهزئون به - يا عبد الله؛ فما بالك لا تقترح على الله وتتوسل بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة؟ فقال سلمان: قد دعوتُ الله عَزَّ وجَلَّ بهم، وسألته ما هو أجَلّ وأفضل وأنفع من مُلْك الدنيا بأسرها، وسألته بهم أن يهب لى لساناً لتمجيد شأنه ذاكراً، وقلباً لآلائه شاكراً، وعلى الدواهى الداهية لى صابراً، وهو عَزَّ وجَلَّ قد أجابنى إلى ملتمسى من ذلك، وهو أفضل من مُلْك الدنيا بحذافيرها وما يشتمل عليه من خيراتها مائة ألف ألف مرة. قال: فجعلوا يهزأون ويقولون: يا سلمان؛ لقد ادَّعيت مرتبة عظيمة يُحتاج أن يُمتحن صدقك من كذبك فيها، وها نحن إذن قائمون إليك

<<  <  ج: ص:  >  >>