ولكن هل معنى ذلك أن ملا محسن يرى أن فهم معانى القرآن ومعرفة أسراره أصبح أمراً مقصوراً على أهل البيت وحدهم فيكون بذلك قد حجر واسعاً وجحد فضل مَن عداهم من العلماء؟ أو يرى أن القرآن فى فهمه قدر مشترك بين العلماء جميعاً لا فرق بين أهل البيت وغيرهم؟.. الحق أن صاحبنا يرى أن فى معانى القرآن لأرباب الفهم متسعاً بالغاً ومجالاً رحباً، ولكن مَن هم أُولوا الفهم الذين يجوز لهم أن يُعمِلوا عقولهم فى فهم معانى القرآن واستنباط أحكامه؟. نرى المؤلف يحدد لنا أُولى الفهم بحدود، ويقيدهم بقيود لها صلة قوية بمذهبه الشيعى، وذلك حيث يقول:".. فالصواب أن يقال: إن مَن أُخلص الانقياد لله ولرسوله ولأهل البيت عليهم السلام، وأخذ عمله منهم، وتتبع آثارهم، واطلع على جملة من أسرارهم، بحيث حصل له الرسوخ فى العلم، والطمأنينة فى المعرفة، وانفتح عينا قلبه، وهجم به العلم على حقائق الأُمور، وباشر روح اليقين، واستلان ما استوعره المترفون، وأنس بما استوحش منه الجاهلون، وصحب الدنيا ببدن روحه معلَّقة بالمحل الأعلى، فله أن يستفيد من القرآن بعض غرائبه، ويستنبط منه نبذاً من عجائبه، ليس ذلك من كرم الله بغريب، ولا من جوده بعجيب، فليست السعادة وقفاً على قوم دون آخرين، وقد عَدُّوا عليهم السلام جماعة من أصحابهم المتصفين بهذه الصفات من أنفسهم، كما قالوا: سلمان منا أهل البيت، فمَن هذه صفته فلا يبعد دخوله فى الراسخين فى العلم، العالمين بالتأويل".
* *
* المؤلف يرى أن تفسيره للقرآن بما جاء من أهل البيت هو التفسير المثالى ويطعن فى بقية الصحابة وفى تفسيرهم:
ولما كان المؤلف - رحمه الله - قد جعل جُلّ اعتماده فى تفسيره، بل كله، على ما وصل إليه من التفسير عن آل البيت، لاعتقاده أنهم أدرى به من غيرهم، فإنَّا نراه يرى - مع شئ من التواضع التقليدى - أن تفسيره هو التفسير المثالى الذى يجب أن يُحتذى، كما نراه لا يعترف بتفسير غيره ممن تقدم عصره، بل ويبالغ فى عدم الاعتراف فيطعن على مَن عدا أهل البيت من الصحابة ويرميهم بالنفاق وغيره، ولا يرتضى ما جاء عنهم من تفسير، كأن عقول الصحابة جميعاً قد عقمت وضلَّت إلا عقول أهل البيت ومَن والاهم..
يقرر المؤلف هذا بكل صراحة وجراءة مع حملة ظالمة على صحابة رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، وذلك حيث يقول: ".. هذا يا إخوانى ما سألتمونى من تفسير القرآن، بما وصل إلينا