{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩] .. فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير؟ وأيضاً قد استفاض عن النبى والأئمة صلوات الله عليهم حديث عرض الخبر المروى على كتاب الله ليُعلم صحته بموافقته له، وفساده بمخالفته، فإذا كان القرآن الذى بأيدينا محرَّفاً فما فائدة العرض؟ مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذِّب له، فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله".
وهنا يجيب ملا محسن على إشكاله هذا بجوابين:
أولهما: أن هذه الأخبار إن صحَّت فلعل التغيير إنما وقع فيما لا يخل بالمقصود كثير إخلال، كحذف اسم علىّ وآل محمد، وحذف أسماء المنافقين، فإن انتفاء التعبير باق لعموم اللَّفظ.
وثانيهما: أن بعض المحذوفات كان من قبيل التفسير والبيان ولم يكن من أجزاء القرآن، فيكون التبديل من حيث المعنى، أى حرَّفوه وغيَّروه فى تفسيره وتأويله، بأن حملوه على خلاف ما يُراد منه".
ثم ذكر بعد هذا أقوال مَن تقدَّمه من شيوخه وعلماء مذهبه وهم ما بين مجيز للتحريف والنقصان ومانع لذلك، ولكلِّ أدلته وحُجَّته، ولا نطيل بذكرها ومَن أرادها فليرجع إليها فى المقدمة السادسة (ص ١٤، ١٥) .
* *
* طريقة المؤلف فى تفسيره:
بيَّن المؤلف فى المقدمة الثانية عشرة من مقدمات تفسيره طريقته واصطلاحاته التى جرى عليها فى كتابه فقال: "كل ما يحتاج من الآيات إلى بيان وتفسير لفهم المقصود من معانيه. أو إلى تأويل لمكان تشابه فيه، أو إلى معرفة سبب نزوله المتوقف عليه فهمه وتعاطيه، أو إلى تعرف نسخ أو تخصيص أو صفة أُخرى فيه، وبالجملة ما يزيد على شرح اللفظ والمفهوم مما يفتقر إلى السماع عن المعصوم، فإن وجدنا شاهداً من محكمات القرآن يدل عليه أتينا به، فإن القرآن يُفسِّر بعضه بعضاً، وقد أُمِرنا من جهة أئمة الحق عليهم السلام أن نرد متشابهات القرآن إلى محكماته، وإلا فإن ظفرنا فيه بحديث معتبر عن أهل البيت عليهم السلام فى الكتب المعتبرة من طرق أصحابنا رضوان الله عليهم أوردناه، وإلا أوردنا ما روينا عنهم عليهم السلام من طرق العامة.. نظائره فى الأحكام ما روى عن الصادق: إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما يروى عنا، فانظروا إلى ما رووه عن علىّ عليه السلام فاعملوا به (رواه الشيخ الطوسى فى العدة) .