بكر يلى الخلافة بعدى، ثم بعده أبوك، فقالت: مَن أنبأك هذا؟ فقال: نبأنى العليم الخبير، فأخبرت حفصةُ به عائشةَ من يومها ذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر فجاء أبا بكر إلى عمر فقال له: إن عائشة أخبرتنى عن حفصة بشئ ولا أثق بقولها فاسأل أنت حفصة، فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما هذا الذى أخبرتْ عنكِ عائشة، فأنكرت ذلك وقالت: ما قلتُ لها من ذلك شيئاًَ. فقال لها عمر: إن هذا حق فأخبرينا حتى نتقدم فيه، فقالت: نعم.. قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا أربعة على أن يسمُّوا رسول الله، فنزل جبريل على رسول الله بهذه السورة قال:{وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ} يعنى أظهره على ما أخبرت به وما هَمُّوا به من قتله {عَرَّفَ بَعْضَهُ} : أخبرها وقال: لِمَ أخبرتِ بما أخبرتك {وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} .. قال: لم يخبرهم بما يعلم مما هَمُّوا به من قتله".
* *
* صرفه لآيات العتاب عن ظاهرها:
ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة عبس:{عَبَسَ وتولى * أَن جَآءَهُ الأعمى} ... الآيات إلى آخر القصة، نجده يصرف الآيات عن ظاهرها المتعارف بين المفسِّرين جميعاً، ويجعل العتاب موجهاً إلى عثمان رضى الله عنه، أو إلى رجل آخر من بنى أُمية. والذى حمله على ذلك هو ما يراه من أن مثل هذا العتاب لا يليق أن يكون موجهاً إلى النبى صلى الله عليه وسلم أو إلى أحد من الأئمة المعصومين، كما أن سبب العتاب لا يليق أن يصدر منهم، أما توجه العتاب إلى عثمان وصدور سببه منه فهذا أمر جائز وواقع فى نظره، لأن عثمان ليس له من العصمة ما للأئمة، فلهذا تراه يروى عن القُمِّى: "أنها نزلت فى عثمان وابن أُم مكتوم"، وكان ابن أُم مكتوم مؤذناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أعمى، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه وعثمان عنده، فقدَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان فعبس عثمان وجهه وتولَّى عنه، فأنزل الله:{عَبَسَ وتولى * أَن جَآءَهُ الأعمى} .. ونقل عن مجمع البيان أنها نزلت فى رجل من بنى أُمية كان عند النبى فجاء ابن أُم مكتوم، فلما رآه تقذَّر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه، فحكى الله ذلك وأنكره عليه.. ثم قال: أقول: "وأما ما اشتهر من تنزيل هذه الآيات فى النبى صلى الله عليه وسلم دون عثمان فيأباه سياق مثل هذه المعاتبات الغير اللائقة بمنصبه، وكذا ما ذكره بعدها إلى آخر السورة كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام، ويمكن أن يكون من مختلقات أهل النفاق خذلهم الله".
* *
* دفاع المؤلف عن أُصول مذهبه:
كذلك نجد المؤلف ينظر إلى القرآن من خلال عقيدته، ونراه ينتصر لمذهبه