رأى يخالف آراء مجتهدى المذاهب الأخرى، فإنا نراه ينتصر لمذهبه ويعمل على تأييده بما يظهر له من آيات القرآن.. والمتتبع لتفسيره لآيات الأحكام يجد أثر هذا كله ظاهراً جلياً، فهو يحاول محاولة جدية أن يأخذ رأيه من النص القرآنى أو يدفع رأى مخالفيه بما يظهر له منه، وإليك بعض المثل لتعرف مقدار تأثر هذا التفسير بمذهب صاحبه الفقهى:
* المتعة:
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٢٤] من سورة النساء: {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} .. نراه يتأثر بما يراه من حِلِّ نكاح المتعة فيحمل الآية على هذا ويجعلها دليلاً على صحة مذهبه وذلك حيث يقول ما نصه:{فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} مهورهن، سمى أجراً لأنه فى مقابلة الاستمتاع، {فَرِيضَةً} مصدر مؤكد. فى الكافى عن الصادق: وإنما أُنزلت: "فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أُجورهن فريضة".. والعياشى عن الباقر: أنه كان يقرأها كذلك، وروته العامة أيضاً عن جماعة من الصحابة:{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفريضة} من زيادة فى المهر أو الأجل، أو نقصان فيهما، أو غير ذلك مما لا يخالف الشرع. فى الكافى مقطوعاً والعياشى عن الباقر: "لا بأس بأن تزيدها وتزيدك إذا انقطع الأجل فيما بينكما، تقول: استحللتك بأجر آخر برضاً منها، ولا تحل لغيرك حتى تنقضى عدَّتها، وعدَّتها حيضتان، {إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً} بالمصالح، {حَكِيماً} فيما شرع من الأحكام. فى الكافى عن الصادق: المتعة نزل بها القرآن، وجرت بها السُّنَّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، وعن الباقر: كان علىّ يقول: لولا ما سبقنى به ابن الخطاب ما زنى إلا شفى - بالفاء، يعنى إلا قليل - أراد أنه لولا ما سبقنى به عمر من نهيه عن المتعة وتمكن نهيه من قلوب الناس، لندبتُ الناس عليها، ورغَّبتهم فيها، فاستغنوا بها عن الزنا، فما زنى منهم إلا قليل، وكان نهيه عنها تارة بقوله: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا مُحرِّمهما ومُعاقِبٌ عليهما: مُتعة الحج، ومُتعة النساء، وأخرى بقوله: ثلاث كُنّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا مُحرِّمهن ومُعاقِبٌ عليهن: مُتعة الحج ومُتعة النساء وحىّ على خير العمل فى الأذان. وفيه: جاء عبد الله بن عمر الليثى إلى أبى جعفر فقال له: ما تقول فى مُتعة النساء؟ فقال: أحلَّها الله فى كتابه وعلى لسان نبيه، فهى حلال إلى يوم القيامة، فقال: يا أبا جعفر؛ مثلك يقول هذا وقد حرَّمها عمر ونهى عنها؟ فقال: وإن كان فعل، قال:
فإنى أُعيذك بالله من ذلك أن تحل شيئاً حرَّمه عمر، فقال له: فأنت على قول صاحبك وأنا على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهلم أُلاعنك أن القول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الباطل ما قال صاحبك، وقال: فأقبل عبد الله بن عمر فقال: أيسرك أن نساءك، وبناتك، وأخواتك، وبنات عمك،