يسمُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه السورة:{وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ} .. يعنى أظهره الله على ما أخبرت به وما همُّوا من قتله، و {عَرَّفَ بَعْضَهُ} أى خبرها وقال: لِمَ أخبرتِ بما أخبرتك؟ {وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} يعنى لم يخبرهم بما يعلمه مما هَمُّوا به من قتله".
* *
* عتاب النبى صلى الله عليه وسلم:
ويرى المؤلف - كغيره من الشيعة - أن ما ورد من الآيات مشتملاً على عتاب النبى صلى الله عليه وسلم، أو على التهديد والوعيد للنبى صلى الله عليه وسلم، على فرض وقوع المعصية منه - إنما هو من قبيل: "إياكِ أعنى واسمعى يا جارة" والذى دفعه إلى ذلك، هو ارتفاعه بمقام النبوة عن أن يُوجَّه إليه عتاب من الله، أو لوم وتهديد على فرض صدور المعصية.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآيتين:[٧٤، ٧٥] من سورة الإسراء: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ الممات ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً} . نجده يقول: وقد ورد فى الأخبار أن هذه الآية من قبيل: "إياكِ أعنى واسمعى يا جارة" وورد أنها من فرية الملحدين، ولو كان الخطاب له - صلى الله عليه وسلم - من غير كونه عن طريق "إياكِ أعنى واسمعى يا جارة"، ولم تكن فرية لم يكن فيها ازدراء به - صلى الله عليه وسلم بل يكون صدر الآية ازدراء بالملحدين، لإشعاره بأنهم بالغوا فى فتنته، يعنى أنهم ما أهملوا شيئاً مما يُفتن به، ولو كان المفتون غيرك ولم يكن التثبيت من الله لفتن، وذيَّلها ببيان امتنانه عليه بأن ثبَّته فى مثل هذا المقام".
ومثلاً عند تفسيره لقول تعالى فى الآية [٢٨] من سورة الكهف: {واصبر نَفْسَكَ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم بالغداة والعشي يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} ... الآية، يقول ما نصه:"وهذا على إياكِ أعنى واسمعى يا جارة".
ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة عبس:{عَبَسَ وتولى * أَن جَآءَهُ الأعمى ... } ... الآيات - إلى قوله:{فَأَنتَ عَنْهُ تلهى} يقول ما نصه: "وقد استبعد بعض العلماء كون الآيات فى الرسول الله لبُعْدِ مقامه عن العبوس والتولى عن الأعمى، وعلو مرتبته عن أن يصير مُعاتَباً بمثل هذا العتاب.
أقول: لو كانت الآيات فيه والعتاب له لم يكن فيه نقص لشأنه، ولم يكن منافياً لما قاله تعالى فى حقه من قوله:{وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ٤] .. فإن إقباله وإدباره، وعبوسه، واستبشاره، كان لله، فإن عبوسه إن كان لمنع الأعمى عن نشر دين الله، وإسماع كلماته لأعداء الله وأعداء دينه وتقريبهم إلى دينه، لم يكن فيه نقص فيه