للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحققين من أن النصوص محمولة على ظواهرها ومع ذلك ففيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك، ويمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان".

*

* مقالة ابن عطاء الله السكندرى:

ونقل السيوطى عن ابن عطاء الله السكندرى أنه قال فى كتابه "لطائف المنن": "اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله وكلام رسوله بالمعانى الغريبة ليس إحالة للظاهر عن ظاهره، ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت الآية له ودلَّت عليه فى عُرف اللِّسان، وثَمَّ أفهام باطنة تُفهَم عند الآية والحديث لمن فتح الله قلبه، وقد جاء فى الحديث: "لكل آية ظهر وبطن"، فلا يصدنك عن تلقى هذه المعانى منهم أن يقول لك ذو جدل ومعارضة: هذا إحالة لكلام الله وكلام رسوله.. فليس ذلك بإحالة، وإنما يكون إحالة لو قالوا: لا معنى للآية إلا هذا، وهم لم يقولوا ذلك، بل يقرون الظواهر على ظواهرها مراداً بها موضوعاتها ويفهمون عن الله تعالى ما أفهمهم".

فهؤلاء العلماء حسَّنُوا ظنهم بالقوم، فحملوا أقوالهم الغريبة التى قالوها فى القرآن على أنها ذكر لنظير ما ورد به القرآن، أو على أنها إشارات خفية، ومعان إلهامية، تنهل على قلوب العارفين، وتزهوهم عن إرادة التفسير الحقيقى لكتاب الله بمثل هذه الشروح الغريبة التى نُقِلت عنهم، وهذا عمل حسن وصنع جميل من هؤلاء العلماء، وقد تابعناهم عليه حملاً لحال المؤمن على الصلاح.. ولكن لم يلبث أن تبدد حُسن ظننا بالقوم على أثر تلك المقالة التى قرأناها لابن عربى فى فتوحاته.. وفيها يُصرِّح بأن مقالات الصوفية فى كتاب الله ليست إلا تفسيراً حقيقياً لمعانى القرآن، وشرحاً لمراد الله من ألفاظه وآياته، ويذكر لنا أن تسميتها إشارة ليس إلا من قبيل التقية، والمداراة لعلماء الرسوم أهل الظاهر..، وفى هذه المقالة يحمل حملة شعواء على أهل الرسوم - على حد تعبيره - الذين ينكرون عليه وعلى غيره من الصوفية. وإليك ما قاله بالنص لتقف على رأيه الصريح الذى لا مواربة فيه ولا التواء.

*

* مقالة ابن عربى فى التفسير اللإشارى:

قال رحمه الله: "اعلم أن الله عَزَّ وجَلَّ لما خلق الخلق، خلق الإنسان أطواراً، فمنا العالم والجاهل، ومنا المنصف والمعاند، ومنا القاهر ومنا المقهور، ومنا الحاكم ومنا المحكوم، ومنا المتحكِم ومنا المتحكَم فيه، ومنا الرئيس والمرؤوس، ومنا الأمير والمأمور،

<<  <  ج: ص:  >  >>