هذا هو كل ما للأستاذ المراغى - رحمه الله - من إنتاج فى التفسير، وهو على قلَّته عمل كبير وعظيم، بالنظر لما يهدف إليه من إصلاح، وما يحمل فى طيَّاته من توجيه حسن فى التفسير.
وحسب الشيخ أن يكون قد لفت قلوب كثيرة من المسلمين إلى القرآن، بعد أن أعرضوا عن هَدْيه، وضَلُّوا عن إرشاده، وتلك حسنة نرجو له برها وذخرها عن الله.
* *
* منهجه فى التفسير:
يتتبع الإنسان إنتاج الأستاذ الأكبر فى التفسير، ويستقصى ما عرض له من آيات القرآن الكريم، فيلحظ أن الشيخ - رحمه الله تعالى - كان يختار لدروسه من آيات القرآن ما تتجلى فيه دلائل قدرة الله وآيات عظمته، وما تظهر فيه وسائل هداية البَشر، ومواضع العظة والعبرة، كما يلحظ أيضاً أنه وجَّه جانباً كبيراً من عنايته إلى الآيات التى يجمعها وقضايا العلم الحديث صلة القُربى، ليظهر للناس أن القرآن لا يقف فى سبيل العلم، ولا يصادم ما صح من قواعده ونظرياته، وذلك بما يهديه الله إليه من الدقة فى التوفيق بين قضايا القرآن، وقضايا العلم الحديث.. دقة لا يبلغ شأوها، ولا يدرك خطرها إلا مَن شغل نفسه، وكدَّ فهمه فى هذا السبيل.
* *
*مصادره فى التفسير:
وأعتقد أن الشيخ - رحمه الله - كان يستند فى تحضير دروسه على كتاب الله تعالى بجمع ما كان من الآيات فى موضوع واحد. لعل ما أُجمل فى موضع فُسِّر فى موضع آخر، وما أُبهم فى آية بُيِّنَ فى آية أخرى، وكان يستند أيضاً إلى ما صح من بيان الرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان السَلَف الصالح من الصحابة والتابعين، ثم على أساليب اللُّغة وسنن الله فى الكون، ثم على ما كتبه قدماء المفسِّرين، ولكنه لم يلغ عقله فى هذا كله، بل كان يضع هذه المصادر كلها أمام نظره، ويعرض ما فيها على قلبه وعقله، فما أعجبه منها أقرَّه، وما لم يطمئن إليه نبذه وأعرض عنه.
لم نسمع عن الأستاذ المراغى - رحمه الله - أنه فسَّر القرآن بدون أن ينظر أولاً فيما كتبه المفسِّرون، ولم يبلغنا عنه أنه ادَّعى لنفسه أنه أتى بما لم يأت به الأوائل فى التفسير، بل على العكس من ذلك وجدناه يعترف بالفضل للأقدمين، ولا ينسى ما