كان لهم من مجهود طيب وأثر محمود، وذلك حيث يقول عن تفسيره:"ما هو إلا ثمرات من غرس أسلافنا الأقدمين، وزهرات من رياضهم".
لم يتحامل الشيخ - رحمه الله - على المفسِّرين كما تحامل غيره، ولم يرم فى وجوههم بالعبارات القاذعة اللاذعة، بل كان عفا فى نقده، نزيهاً فى عبارته، وهذا أدب ما أجمله بالعلماء، وبخاصة مع أسلافنا ومتقدميهم.
* *
* موقفه من مُبهمات القرآن:
هذا ... وإن الأستاذ المراغى - رحمه الله - قد نهج فى تفسيره منهج شيخه، فوجدناه لا يخوض فى مُبهمات القرآن بالتفصيل، ولا يدخل فى جزئيات سكت عنها القرآن، وأعرض عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا الروايات الموضوعة أو الضعيفة بكافية عنده حتى يزج بها فى تفسيره، ولا الأخبار الإسرائيلية بمقبولة لديه، حتى يجعل منها شروحاً لما أجمله القرآن وسكت عن تفصيله، فلهذا نراه عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [١٣٣] من سورة آل عمران: {وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السماوات والأرض أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ... نجده يقول بعد أن ينتهى من تفسير الآية ما نصه:"والآية تدل بظاهرها على أن الجنَّة مخلوقة الآن، لأن الفعل الماضى يُفْهم هذا. غير أنه من الجائز أن يكون من قبيل قوله تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض} ، فلا يدل على خلقها الآن، والبحث فى هذا لا فائدة له، ولا طائل تحته".
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [١٨٣] من سورة البقرة: {ياأيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين مِن قَبْلِكُمْ} ... . الآية، وجدناه يقول:" ... ونحن لا نعلم ما هو الذى فرضه الله على الأُمم السابقة من قبل، أهو شهر رمضان كما قال بعض الناس؟ أم غيره؟ وليس لنا ما يهدينا إلى شىء مُعيَّن من دليل يطمئن إليه القلب. والتشبيه لا يدل على المماثلة فى كل شىء، فنحن نؤمن بأن صوماً فُرِضَ على الأُمم السابقة، لا نعلم مقداره ولا كيفيته. ولا يزال الصوم معروفاً عند الأُمم الأخرى على أوضاع مختلفة".
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [١٢] من سورة لقمان: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الحكمة أَنِ اشكر للَّهِ} ... . الآية، وجدناه يقول ما نصه: "اختلف الناس فى لقمان هذا هو مَن هو؟ ومن أى الأُمم هو؟ فقيل: إنه من بنى إسرائيل، وقيل: إنه كان عبداً حبشياً. وقيل: إنه أسود من سودان مصر. وقيل: إنه يونانى. ومن الناس مَن