الوحي الإلهي؟ إنها لم تخلف سووي ركام من التناقضات، وعبث كعبث الأطفال، وعادت على أصحابها بالحيرة والقلق.
وما نهاية من جعل العقل دليله وقائده من المتكلمين في التاريخ الإسلامي؟ أليست هي الحيرة والضياع. وقد وجد من جرب الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية أنها لا تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، وأن أقرب الطرق طريقة القرآن، ولكنهم حين أعراضوا عنها كان سعيهم في ضلال (١) ، وأضاعوا الجهد والوقت، وأشغلوا الأمة، وصرفوها عن وظائفها الواجبة.
ومنهج أهل السنة في الأسماء والصفات منهج عظيم لالتزامه بالكتاب والسنة، وحفظه لوقت المسلم وجهده وطاقته وعقله من أن يبددها في البحث عما لم يكلف به، ولا سبيل للوصول إلى معرفة كيفيته.
بقي أن نضيف اتجاهاً آخر لمعاصريهم في عقيدتهم في التوحيد وهو اقتفاء أثر الصوفية الذين يذهبون إلى القول بأن التوحيد مراتب أدناها مرتبة عندهم هو مدلول كلمة الإسلام العظيمة:"لا إله إلا الله" فشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، ووصلوا عن طريق هذه المراتب إلى الكفر البواح، والقول بالاتحاد، وأن المخلوق عين الخالق؛ فخرجوا بذلك عن العقل والنقل، والدين، وفاقوا النصارى في شركهم الذين قالوا بحلول الإله في عيسى؛ لأن النصارى قالوا بحلول خاص وهؤلاء قالوا بالحلول العام.
ولكن شيوخ الشيعة الذين ينقلون لهذه الطائفة على مر العصور وكر الدهور حثالة المذاهب المبتدعة، وزبالة الأفكار البشرية الساقطة، وغثاء النفوس المعقدة.. أخذوا بهذا الاتجاه الصوفي المريب، ونقلوه إلى قومهم، بل عدوه هو عقيدتهم المعتمدة.
(١) انظر: أمثلة من حيرتهم، وثمرة تجربتهم في: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٥/١٠-١١، ابن أبي العز/ شرح الطحاوية: ص ١٦٩-١٧٢، ملا علي القاري/ في الفقه الأكبر: ص١٠-١٢