لعدم مبايعتهم لعلي، لكن هذه الطائفة لا وجود لها اليوم بهذا الاسم، وكان يظن أنه لا قائل بمذهبها في هذا الزمن. ثم ما لبث هذا الظن أن توارى، فها هي تعيش في أحضان الاثني عشرية في هذا العصر، ويجاهر بمذهبها بعض الشيوخ الكبار عندهم.
والمذهب الاثنا عشري مؤهل لإخراج كثير من فرق الغلو، بمدوناته التي جمعت من الشذوذ فأوعت.
وهذا الموقف من شيخهم المظفر له أمثاله عند شيوخهم المعاصرين (١) .
هذان موقفان في الظاهر مختلفان، وهما في الحقيقة متفقان، فالذين يحكمون بإسلام الأمة لا يختلفون عمن يحكم بكفرها، أما كيف ذلك فإليك البيان: إنهم يقولون: إننا نحكم بإسلام الناس في ظاهر الأمر فقط، أما في الباطن فهم كافرون وهم مخلدون في النار بإجماع الطائفة.
وقد صرح بهذه "الحقيقة" شيوخهم القدامى، والمعاصرون، وتجد إذا تأملت في كلام القائلين بأنهم لا يكفرون المسلمين إشارات إلى هذا المهذب يدركها من عرف عقيدتهم في هذا الأمر، وطريقتهم في التقية.
وممن صرح بذلك من شيوخهم السابقين زين الدين بن علي العاملي المقلب عندهم بالشهيد الثاني (المتوفى سنة ٩٦٦هـ) حيث يقول: "إن القائلين بإسلام أهل الخلاف (يعني أهل السنة وسائر المسلمين من غير طائفتهم) يريدون.. صحة
(١) انظر - مثلاً: عبد الحسين الموسوي، حيث يزعم أن الشيعة لا تكفر المسلمين في عدة من كتبه (انظر: رسالته إلى المجمع العلمي العربي بدمشق ط: النجف ١٣٨٧هـ، وكتابه أجوبة مسائل جار الله: ص٣٩، وغيرها من كتبه) ولكنه يكفر أبا هريرة الصحابي الجليل، راوية الإسلام، بل إنه يكفر كل من لم يؤمن بأئمته الاثني عشر، لأنه يزعم أن "ولايتهم من أصول الدين" (الفصول المهمة ص٣٢) وأن الأخبار التي وردت بإيمان مطلق الموحدين تخصص بولاية الاثني عشر، لأنهم باب حطة لا يغفر إلا لمن دخلها (المصدر السابق: ص٣٢) . ويقرر أن من تأول أو أخطأ فيها لا يعذر بإجماعهم (المصدر السابق: ص٤٥)