للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} (١) . قال ابن عباس: هو أن يوضع الكلام في غير موضعه (٢) . وذلك بالانحراف في تأويله (٣) .

قال في الإكليل: "ففيها الرد على من تعاطى تفسير القرآن بما لا يدل عليه جوهر اللفظ كما يفعله والاتحادية والملاحدة" (٤) . وهؤلاء الذين يلحدون في آيات الله ويحرفونها عن معانيها وإن كتموا كفرهم وتستروا بالباطل وأرادوا الإخفاء لكنهم لا يخفون على الله كما قال تعالى: {لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} (٥) .

٦- ربط شيوخ الشيعة هذه التأويلات أو التحريفات بأئمة أهل البيت لتحظى بالقبول عند الناس، ولأنها تأويلات غير عاقلة قالوا: بأن السياق القرآني غير منسجم مع النظر العقلي، ونسبوا هذا القول لجعفر الصادق كما يروي ذلك جابر الجعفي أنه قال له: "يا جابر، إن للقرآن بطناً وللبطن ظهراً، ثم قال: وليس شيء أبعد من عقول الرجال منه، إن الآية لينزل أولها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصل يتصرف على وجوه" (٦) . ولاشك أن هذا الحكم هو برواياتهم أليق وأوفق، ولا يتصل من قريب أو بعيد بكتاب الله وتفسيره الصحيح.

٧- قامت مصادرهم في التفسير - غالباً - على هذا المنهج الباطني في التأويل الذي استقته من أبي الخطاب وجابر الجعفي والمغيرة بن سعيد وغيرهم من الغلاة. ويلاحظ أنه في القرن الخامس بدأ اتجاه التفسير عندهم يحاول التخلص من تلك النزعة المغرقة في التأويل الباطني؛ حيث بدأ شيخ الطائفة عندهم أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (المتوفى سنة ٤٦٠هـ‍) يؤلف لهم كتاباً في تفسير القرآن


(١) فصلت، آية: ٤٠
(٢) تفسير الطبري: ٢٤/١٢٣، فتح القدير: ٤/٥٢٠
(٣) انظر: القاسمي/ محاسن التأويل: ١٤/٢١١، الألوسي/ روح المعاني: ٢٤/١٢٦
(٤) السيوطي/ الإكليل: ص ٣٥٤ (المطبوع على هامش جامع البيان في تفسير القرآن)
(٥) محمد شاه الكشميري/ إكفار الملحدين: ص ٢
(٦) تقدم تخريج هذا النص من كتب الشيعة: ص (١٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>