للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستضيء في تأليفه بأقوال أهل السنة، ويأخذ من مصادرهم في التفسير، ويحاول فيه أن يتخلص أو يخفف من ذلك الغلو الظاهر في تفسير القمي والعياشي وفي أصول الكافي وغيرها، وهو وإن كان يدافع عن أصول طائفته ويقرر مبادئهم المبتدعة، إلا أنه لا يهبط ذلك الهبوط الذي نزل إليه القمي ومن تأثر به. ومثل الطوسي في هذا النهج الفضل بن الحسن الطبرسي في "مجمع البيان" وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى ذلك حيث قال: "الطوسي ومن معه في تفسيرهم يأخذون من تفاسير السنة، وما في تفسيرهم من علم يستفاد إنما هو مأخوذ من تفاسير أهل السنة" (١) .

ولكن قد كشف لنا شيخ الشيعة في زمنه ومحدثها وخبير رجالها وصاحب آخر مجموع من مجاميعهم الحديثية، وأستاذ كثير من علمائهم الكبار عندهم كمحمد حسين آل كاشف الغطا، وأغا بزرك الطهراني وغيرهما وعالم الشيعة حسين النوري الطبرسي قد كشف لنا سراً عندهم بقي دفيناً، وأماط اللثام عن حقيقة كانت مجهولة لدينا وهي أن كتاب «التبيان» للطوسي إنما وضع على أسلوب التقية والمداراة للخصوم وإليك نص كلامه:

"ثم لا يخفى على المتأمل في كتاب التبيان أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين، فإنك تراه اقتصر في تفسير الآيات على نقل كلام الحسن وقتادة والضحاك والسدي وابن جريج والجبائي والزجاج، وابن زيد وأمثالهم. ولم ينقل عن أحد من مفسري الإمامية، ولم يذكر خبراً عن أحد من الأئمة - عليهم السلام - إلا قليلاً في بعض المواضع لعله وافقه في نقله المخالفون. بل عد الأولين في الطبقة الأولى من المفسرين الذين حمدت طرائقهم ومدحت مذاهبهم. وهو بمكان من الغرابة لو لم يكن على وجه المماشاة.. ومما يؤكد كون وضع هذا الكتاب على التقية ما ذكره السيد الجيل علي بن طاوس في سعد السعود وهذا لفظه: "ونحن نذكر ما حكاه جدي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في كتاب


(١) انظر: منهاج السنة: ص ٣/٢٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>