للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أخذنا هذا الاعتراف، ووضعناه مع إقرارهم الذي جاء في أخبارهم بأنهم كانوا لا يعرفون مناسك الحج والحلال والحرام حتى جاء أبو جعفر (١) ، وأنه في عهد أبي جعفر وابنه كثر الكذابون على الأئمة (٢) .- تكاملت الصورة في أن معظم رواياتهم مكذوبة، ولو طبق علم الجرح والتعديل لانكشف أمرها بذلك وظلوا كما كانوا من قبل أبي جعفر لا يعرفون الكثير من أمور دينهم إلا عن طريق كتب المسلمين.

ولكن يبدو أنهم لم يلتزموا بتطبيق هذه الأصول التي وضعوها. فتراهم مثلاً يحكمون بصحة كتاب نهج البلاغة، حتى قال أحد شيوخهم المعاصرين: "إن الشيعة على كثرة فرقهم واختلافها متفقون متسالمون على أن ما نهج البلاغة هو من كلام أمير المؤمنين - رضي الله عنه - اعتماداً على رواية الشريف ودرايته ووثاقته".. حتى كاد أن يكون إنكار نسبته إليه - رضي الله عنه - عندهم من إنكار الضروريات وجحد البديهيات اللهم إلا شاذاً منهم.. وأن جميع ما فيه من الخطب والكتب والوصايا والحكم والآداب حاله كحال ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم (٣) . مع أن كتاب النهج مطعون في سنده ومتنه، فقد جمع بعد أمير المؤمنين بثلاثة قرون ونصف بلا سند، وقد نسبت الشيعة تأليف نهج البلاغة إلى الشريف الرضي (٤) . وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسند خصوصاً فيما يوافق بدعته فيكف إذا لم يسند كما فعل في النهج؟، وأما المتهم - عند المحدثين - بوضح النهج فهو أخوه علي (٥) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأهل العلم يعلمون أن أكثر خطب هذا الكتاب مفتراه على علي، ولهذا لا يوجد غالبها في كتاب متقدم


(١) أصول الكافي: ٢/٢٠، ومضى ذكر النص بحروفه ص (٣٤٦)
(٢) انظر: ص (٣٦٢) من هذه الرسالة
(٣) الهادي كاشف الغطا/ مدراك نهج البلاغة: ص ١٩٠-١٩١
(٤) محمد بن الحسين بن موسى الرضي أبو الحسن، قال الذهبي: رافضي جلد. (ميزان الاعتدال: ٣/٥٢٣)
(٥) علي بن الحسين العلوي الشريف المرتضى المتكلم الرافضي المعتزلي.. المتوفى سنة (٤٣٦هـ) (انظر: ميزان الاعتدال: ٣/١٢٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>