للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن هنا يتبين أن الطريق - عندهم - لاكتشاف قول الإمام هو الحدس، فانظر كيف يجعلون اكتشاف قول المعصوم بطريق الحدس والظن هو العمدة، وإجماع السلف ليس بعمدة، إنها مفارقات في غاية الغرابة، واتفاق جميع أعلامهم لا يحصل به الجزم بموافقة الإمام، ومجرد الشهرة يحصل بها الجزم ولو لم يحصل اتفاق. إنها مقاييس مقلوبة، كما أنه اعتراف منهم بأن شيوخهم قد يتفقون على ضلالة.

ومع إنكارهم حجية الإجماع في الحقيقة، فقد أثبتوا العمل بقول طائفة مجهولة وترك ما تقوله الطائفة المعروفة، وهذه من ثمار الشذوذ، وقد عللوا لهذا المسلك الشاذ بأن الإمام مع الطائفة المجهولة.

يقول صاحب معالم الدين: "إذا اختلفت الإمامية على قولين، فإن كانت إحدى الطائفتين معلومة النسب ولم يكن الإمام أحدهم كان الحق مع الطائفة الأخرى، وإن لم تكن معلومة النسب.." (١) . حتى اعتبروا وجود هذه الطائفة المجهولة شرطاً لتحقق الإجماع في عصور الغيبة. قالوا: "الحق امتناع الاطلاع عادة على حصول الإجماع في زماننا هذا وما ضاهاه من غير جهة النقل، إذ لا سبيل إلى العلم بقول الإمام، كيف وهو موقوف على وجود المجتهدين المجهولين ليدخل في جملتهم ويكون قوله رضي الله عنه مستوراً بين أقوالهم، وهذا مقطوع بانتفائه، فكل إجماع يدعى في كلام الأصحاب مما يقرب من عصر الشيخ إلى زماننا، وليس مستنداً إلى نقل متواتر وآحاد حيث يعتبر أو مع القرائن المفيدة للعلم، فلابد أن يراد به ما ذكره الشهيد من الشهرة" (٢) . العمدة عندهم قول الطائفة المجهولة، وهذا عزيز الوجود، فمنذ ما يقارب عصر شيخ طائفة الطوسي لم يطلع على مثل هذا، والإجماع الموجود هو الإجماع المنقول (٣) . وكأنه


(١) معالم الدين: ص ٤٠٦
(٢) معالم الدين: ص ٤٠٦
(٣) الإجماع في اصطلاح الاثني عشرية ينقسم إلى قسمين:
١- الإجماع المحصل: والمقصود به الإجماع الذي يحصله الفقيه بتتبع أقوال أهل الفتوى. =

<<  <  ج: ص:  >  >>