للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل عصر الشيخ قد وجد مثل هذا الإجماع.

وهؤلاء الذين يرفضون إجماع الصحابة، يبحثون عن قول طائفة مجهولة ليأخذوا به. ثم هم قد أصابوا في عدم الاعتداد بأقوال شيخهم وإن اتفقت كلمتهم، ولكنهم ضلوا في إعراضهم عما أجمع عليه الصحابة والسلف.

وهم في وصولهم إلى ما يسمى "بالإجماع" عندهم، يتخبطون أيما تخطب حتى صارت إجماعاتهم المتعارضة كرواياتهم المتضاربة التي تلاحظها أثناء مراجعتك لكتاب الاستبصار أو البحار أو غيرهما، بل إن العالم الواحد تتضارب أقواله في دعوى الإجماع، انظر - مثلاً - ابن بابويه القمي صاحب "من لا يحضره الفقيه" أحد الكتب الأربعة التي عليها مدار العمل عندهم، قالوا إنه: ".. ليدعي الإجماع في مسألة ويدعي إجماعاً آخر على خلافها وهو كثير" (١) . حتى قال صاحب جامع المقال: "ومن هذه طريقته في دعوى الإجماع كيف يتم الاعتماد عليه والوثوق بنقله" (٢) .

بل إنهم يدعون الإجماع في أمر لا قائل به، يقول شيخهم النوري الطبرسي: "ربما يدعي الشيخ والسيد إجماع الإمامية على أمر وإن لم يظهر له قائل" (٣) . كما


= ٢- الإجماع المنقول: والمقصود به الإجماع الذي لم يحصله الفقيه بنفسه وإنما ينقله له من حصله من الفقهاء سواء أكان النقل به بواسطة أم بوسائط، ثم النقل تارة يقع على نحو التواتر، وهذا حكمه حكم المحصل من جهة الحجية، وأخرى يقع على نحو خبر الواحد، وإذا أطلق قول الإجماع المنقول في لسان الأصوليين فالمراد منه الأخير، وقد وقع الخلاف بينهم في حجيته (المظفر/ أصول الفقه: ٣/١٠١) . وقال الأعملي في مقتبس الأثر: للإجماع في اصطلاحات الفقهاء (يعني فقهاء الجعفرية) إطلاقات منها يقولون: الإجماع: هو القطع برأي الإمام رضي الله عنه.
ومنها الإجماع المحصل، وعلق عليه بقوله: وهو غير حاصل، ومنها الإجماع المنقول بخبر الواحد وعقب عليه بقوله: وهو مقبول. (مقتبس الأثر: ٣/٦٢)
(١) جامع المقال فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال/ الطريحي: ص١٥
(٢) الموضع نفسه من المصدر السابق
(٣) فصل الخطاب: ص ٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>