للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر شيخهم الطبرسي وأكد على وجود "الإجماعات المتعارضة من شخص واحد ومن معاصرين أو متقاربي العصر، ورجوع المدعي عن الفتوى التي ادعى الإجماع فيها ودعوى الإجماع في مسائل غير معنونة (كذا) في كلام من تقدم على المدعي، وفي مسائل قد اشتهر خلافها بعد المدعي، بل في زمانه، بل ما قبله" (١) .

هذا قول الطبرسي وهو الخبير المتتبع لكتبهم، واضطر ليكشف هذا لنصرة مذهبه الذي ألف فصل الخطاب من أجله، ويرد دعوى الإجماع على خلافه فاستفدنا من هذا الاعتراف غير المقصود لذاته لنبين اضطرابهم في هذا الأصل، واضطرابهم في تحديده وفي تطبيقه.

ثم إنهم - وهم يقولون بأن الإجماع وهو ما يكشف عن قول المعصوم - لا يطبقون هذا، بل يتتبعون اتفاق أصحابهم لا قول معصومهم. ولهذا قال صاحب معالم الدين حينما ذكر ما قاله أحد كبار شيوخهم من أن العمدة هو كلام المعصوم لا اتفاق الفقهاء بدونه، فقال: "والعجب من غفلة الأصحاب عن هذا الأصل وتساهلهم في دعوى الإجماع عند احتجاجهم به للمسائل الفقهية، حتى جعلوه عبارة عن مجرد اتفاق الجماعة من الأصحاب فعدلوا به عن معناه الذي جرى عليه الاصطلاح من غير قرينة جلية، ولا دليل على الحجية معتداً - كذا - به" (٢) .

فهم لا يقولون بالإجماع على الحقيقية، ومع ذلك يجعلونه من أصول أدلتهم، ويتناقضون في دعواه وتطبيقه أيما تناقض. والتناقض في القول دليل بطلانه.

وحتى يتجلى لك الفرق جلياً بين مذهب أهل السنة في القول بحجية الإجماع، وبين مذهب الشيعة في ذلك، فلك أن تتصور أنه لو صدر من إمامهم محمد الجواد، والذي قالوا بإمامته وهو ابن خمس سنين (٣) ، لو صدر منه وهو


(١) الموضع نفسه من المصدر السابق
(٢) معالم الدين: ص ٤٠٥-٤٠٦
(٣) انظر: بحار الأنوار: ٢٥/١٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>