للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا المعنى روايات كثيرة عندهم (١) .

ولكن يلاحظ أن شيخ الشيعة في زمنه ابن بابويه القمي قد ذهب في تأويل هذه النصوص إلى اتجاه آخر فأثبت أن قول الأئمة: القرآن غير مخلوق يعني "أنه غير مخلوق أي غير مكذوب لا يعني به أنه غير محدث" (٢) . وقال: "وإنما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه لأن المخلوق في اللغة قد يكون مكذوبًا، ويقال: كلام مخلوق أي مكذوب" (٣) .

ولا شك أن هذا التأويل لا يسلم له لأنه من الواضح أن النصوص السابقة ترد على ما ذهب إليه أهل الاعتزال من القول بأن القرآن مخلوق، فقال السلف ردًا عليهم: إنه غير مخلوق ولم يريدوا بذلك أنه غير مكذوب كما يزعم ابن بابويه وغيره، فإن أحدًا من المسلمين لم يقل: إنه مكذوب، بل هذا كفر ظاهر يعلمه كل مسلم، وإنما قالوا: إنه مخلوق خلقه في غيره فرد السلف هذا القول، كما تواترت الآثار عنهم بذلك، وصنف في ذلك مصنفات متعددة (٤) .

وفي كتاب تفسير الصراط المستقيم لآيتهم البروجردي نقل نصًا عن ابن بابويه - أيضًا - يحيل فيه النصوص التي فيها المعنى السابق على التقية فقال: "ولعلّ المنع من إطلاق الخلق على القرآن إمّا للتّقية مماشاة مع العامّة، أو لكونه موهمًا لمعنى آخر أطلق الكفّار عليه بهذا المعنى في قولهم: إن هذا إلا اختلاق" (٥) .

فلم يجد هؤلاء الشيوخ ما يلوذون به إلا القول "بالتقية" أو ما ماثلها.. وهذا المنهج يثبت أنهم ليسوا على شيء، وأن احتمال التقية في كل نص قد أفسد عليهم أمرهم وأضاع حقيقة المذهب، فأصبح دينهم دين المجلسي، أو الكليني، أو


(١) انظر في ذلك: البحار: ٩٢/١١٧-١٢١، التوحيد: ص٢٢٣-٢٢٩
(٢) انظر: التوحيد ص٢٢٥، البحار: ٩٢/١١٩
(٣) التوحيد ص٢٢٥، البحار: ٩٢/١١٩
(٤) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ١٢/٣٠١
(٥) تفسير الصّراط المستقيم: ١/٣٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>