للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من القول بمذهب المعتزلة في أفعال العباد، وتعارض ما قرره طائفة من شيوخهم في هذه المسألة من الأخذ بمسلك أهل الاعتزال، كما سبق ذكر بعض شواهده من أقوال المفيد، وابن المطهر، والحر العاملي وأضرابهم مما سجلوه في كتب العقيدة التي كتبوها لتعبر عن مذهب الشيعة.

فمن رواياتهم التي وصفنا:

"قال أبو جعفر وأبو عبد الله» : إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب، ثم يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمرًا فلا يكون، قال: فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قال: نعم أوسع ما بين السماء والأرض" (١) .

يعني أن بين القول بالجبر والقول بنفي القدر منزلة ثالثة وسط.

وجاءت عندهم مجموعة من الروايات تقول بأن مذهبهم في القدر هو أمر بين الأمرين لا جبر ولا تفويض (٢) .

ولهذا قال المجلسي: "اعلم أنّ الذي استفاض عن الأئمّة هو نفي الجبر والتّفويض وإثبات مر بين الأمرين" (٣) .

ونفي الجبر واضح القصد وهو الخروج عن مذهب الجبرية، ولكن ماذا يريدون بالتفويض؟

يقول المجلسي: "وأما التفويض فهو ما ذهب إليه المعتزلة من أنه تعالى أوجد العباد، وأقدرهم على تلك الأفعال وفوض إليهم الاختيار، فهم مستقلون بإيجادها وفق مشيئتهم وقدرتهم وليس لله في أفعالهم صنع" (٤) .


(١) أصول الكافي: ١/١٥٩
(٢) انظر: أصول الكافي/ باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين: ١/١٥٥، وانظر: بحار الأنوار: ٥/٢٢، ٥٦، الفصول المهمة: ص٧٢
(٣) بحار الأنوار: ٥/٨٢
(٤) بحار الأنوار: ٥/٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>