للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطّائفة الطّوسي وقال بأنّ أخبارهم متناقضة متباينة مختلفة حتى لا يوجد خبر إلا بإزائه ما يضادّه، ولا رواية إلا ويوجد ما يخالفها، وعدّ ذلك من أعظم الطّعون على المذهب الشّيعي، ومن أسباب مفارقة بعض الشّيعة للمذهب (١) .

وكتابا التهذيب والاستبصار - وهما المصدران المعتمدان من المصادر الأربعة عند الشيعة - يشهدان بهذا التناقض والاختلاف عبر رواياتهما الكثيرة، وقد حاول الطوسي درء هذا الاختلاف ومعالجة هذا التناقض بحمله على التقية فما أفلح إذ زاد الطين بلة.

وقد أوجد الشّيعة عقيدة التّقية والبداء لتغطية هذا الاختلاف في أخبار الأئمةّ وأعمالهم.. فاكتشف بعض الشيعة هذه المحاولة، وعرف سبب وضع هاتين العقيدتين، فترك التشيع وقال: إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبدًا، وهما القول بالبداء وإجازة التقية (٢) .

وتنقل كتب الشيعة أن الإمام في مجلس واحد وفي مسألة واحدة يجيب بثلاثة أجوبة مختلفة متباينة، ويحيل ذلك على التقية، أو على حرية الإمام في الفتوى وأن له أن يجيب على الزيادة والنقصان.

وقد ذهب رجل من الشيعة يدعى عمر بن رياح ليسأل إمامه، فلما أفتاه عاد إليه من قابل فسأله عن نفس المسألة فأفتاه بخلاف الجواب الأول فاستنكر ذلك وقال: هذا خلاف ما أجبتني في هذه المسألة العام الماضي، فقال له: (أي الإمام) : إن جوابنا خرج على التقية، فتشكك في أمره وإمامته. ثم خرج من عنده ولقي أحد الشيعة (ويدعى محمد بن قيس) وقص عليه ما حدث وقال له: وقد علم الله أني ما سألته عنها إلا وأنا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به وقوله


(١) انظر: ص٣٦١ من هذه الرّسالة
(٢) المقالات والفرق: ص٧٨، فرق الشيعة: ص٥٥-٥٦، والقائل هو: سليمان بن جرير الذي تنسب له طائفة السليمانية من الزيدية

<<  <  ج: ص:  >  >>