للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واضع مبدأ الغيبة عند الاثني عشرية:

إذا كان ابن سبأ هو الذي وضع عقيدة النص على علي بالإمامة - كما تذكره كتب الفرق عند الشيعة وغيرها - فإن هناك ابن سبأ آخر هو الذي وضع البديل "لفكرة الإمامة" بعد انتهائها حسيًا بانقطاع نسل الحسن، أو أنه واحد من مجموعة وضعت هذه الفكرة، لكنه هو الوجه البارز لهذه الدعوى. هذا الرجل يدعى عثمان بن سعيد العمري (١) ، وقد قام بدوره في منتهى السرية حيث "كان يتجر في السمن تغطية على الأمر"، وكان يتلقى الأموال التي تؤخذ من الأتباع باسم الزكاة والخمس وحق أهل البيت فيضعها "في جراب السمن وزقاقة.. تقية وخوفًا" (٢) . وقد زعم - في دعواه - أن للحسن ولدًا قد اختفى وعمره أربع سنوات (٣) ، وزعم أنه لا يلتقي به أحد سواه فهو السفير بينه وبين الشيعة يستلم أموالهم ويتلقى أسئلتهم ومشكلاتهم ليوصلهم للإمام الغائب.

ومن الغريب أن الشيعة تزعم أنها لا تقبل إلا قول معصوم حتى ترفض الإجماع بدون المعصوم، وها هي تقبل في أهم عقائدها دعوى رجل واحد غير معصوم وقد ادعى مثل دعواه آخرون، كل يزعم أنه الباب للغائب وكان النزاع بينهما على أشده، وكل واحد منهم يخرج توقيعًا يزعم أنه صدر عن الغائب المنتظر يتضمن لعن الآخر وتكذيبه، وقد جاء على ذكر أسمائهم الطوسي في مبحث


(١) ويرى الأستاذ محب الدين الخطيب أن مؤسس فكرة الغيبة هو محمد بن نصير من موالي بني نمير (الخطوط العريضة: ص٣٧) ، وقد ورد في كتب الاثني عشرية أنه ممن ادعى البابية للغائب، وقد سبقه في ذلك رجل آخر يدعى الشريعي، وتلاه آخرون ادعوا كدعواه. (انظر: الغيبة للطوسي: ص٢٤٤)
(٢) الغيبة للطوسي: ص٢١٤-٢١٥، محمد الصدر/ تاريخ الغيبة الصغرى: ص٣٩٦-٣٩٧
(٣) انظر: الغيبة للطوسي: ص٢٥٨، وقد اختلفوا في عمره حينما غاب لاختلاف رواياتهم في ذلك - كما سيأتي -، قال المجلسي: أكثر الروايات على أنه ابن أقل من خمس سنين بأشهر أو بسنة وأشهر. (بحار الأنوار: ٢٥/١٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>