للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك ما صرح به بعض شعراء الشيعة من أن فكرة المهدية مستمدة من أخبار كعب الأحبار الذي كان على دين اليهودية قبل إسلامه، ويبدو ذلك بوضوح فيما قاله شاعر الكيسانية كثير عزة في ابن الحنفية:

هو المهدي خبرناه كعب ... أخو الأحبار في الحقب الخوالي (١) .

ويقول فان فلوتن: "وأما نحن معاشر الغربيين فقد استرعت عقيدة المهدي المنتظر بوجه خاص أنظار المستشرقين منا" (٢) .

ثم يربط هذه العقيدة بالإسرائيليات ويردها إلى أصول يهودية ونصرانية، لأنه يرى أنها تخل تحت نطاق التنبؤ ببعض الأشخاص والحوادث المعينة، وهو التنبؤ الذي أفاضت فيه كتب إسرائيلية لم تكن معروفة عند العرب في بادي الأمر، وإنما وصلت إليهم عن طريق اليهود والمسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام (٣) .

ويبدو أن ربطه هذه العقيدة باليهودية والنصرانية لمجرد أنها تدخل في نطاق الإخبار بالمغيبات الذي لا يعرفه العرب كما يقول هو ربط ضعيف، ذلك أن من معجزات رسول الإسلام العربي الهاشمي الإخبار ببعض المغيبات، لكن هؤلاء يحللون هذه المسائل وفق عقليتهم الكافرة، واتجاههم المنكر لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

وأرجح في هذه المسألة أن عقيدة الاثني عشرية في المهدية والغيبة ترجع إلى أصول مجوسية، فالشّيعة أكثرهم من الفرس، والفرس من أديانهم المجوسيّة، والمجوس تدّعي أنّ لهم منتظرًا حيًّا باقيًا مهديًّا من ولد بشتاسف بن بهراسف يُقال له: أبشاوثن، وأنّه في حصن عظيم من (٤) . خراسان والصّين (٥) .

وهذا مطابق لجوهر المذهب الاثني عشري.


(١) ديوان كثير عزة: ١/٢٧٥
(٢) السيادة العربية والإسرائيليات: ص١١٠
(٣) السيادة العربية والإسرائيليات: ص١١٢
(٤) لعلها "بين"
(٥) تثبيت دلائل النّبوّة: ١/١٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>