للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما مكان الغيبة فإنه كان موضع السرية والكتمان، ولما تناهى إلى شيعته خبر الغيبة المزعومة حاولوا التعرف على مكانه إلا أن الباب الذي يدعي الصلة به رفض البوح بشيء من ذلك وأخرج "توقيعًا" سريًا ينسبه للمهدي يقول فيه: ".. إن عرفوا المكان دلوا عليه" (١) . فهذا النص يشير إلى أنه في مكان معين، وفي مخبأ سري لا يعرفه إلا الباب، وأن سب كتمان مكان غيبته عن شيعته هو خوفه من إخبارهم للغير بمكانه.

ولكن دلت بعض روايات الكافي على البلد الذي يختفي فيه، حيث قالت: "لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة، ولابد له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة" (٢) .

فهي تشير إلى أنه يختبئ بالمدينة المنورة، لأن طيبة من أسمائها (٣) ، ولما قال أحدهم للحسن العسكري: إن حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة (٤) .

بينما يروي الطوسي في الغيبة أنه مقيم بجبل يدعى رضوى، حيث يقول في روايته: ".. عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما نزلنا الروحاء (٥) . نظر إلى جبلها مطلاً عليها، فقال لي: ترى هذا الجبل؟ هذا جبل يدعى رضوى (٦) . من جبال فارس أحبنا فنقله الله إلينا، أما إن فيه كل شجرة مطعم، ونعم أمان للخائف مرتين، أما إن لصاحب هذا الأمر فيه غيبتين


(١) أصول الكافي: ١/٣٣٣
(٢) أصول الكافي: ١/٣٤٠، الغيبة للنعماني: ص١٢٥، بحار الأنوار: ٥٢/١٥٣
(٣) انظر: معجم ما استعجم: ٢/٩٠٠
(٤) أصول الكافي: ١/٣٢٨، وقال المازندراني في شرح الكافي: يحتمل أن يراد بالمدية سر من رأى (شرح جامع: ٦/٢٠٨) وهذا الاحتمال قد لا يرد في الرواية التي قبلها
(٥) الروحاء: بفتح أوله: ممدود: قرية جامعة لمزينة، بينما وبين المدينة أحد وأربعون ميلاً. (معجم ما استعجب: ١/٦٨١)
(٦) رضوى: وهو جبل بالمدينة فيه أشجار ومياه كثيرة، وهو الجبل الذي يزعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية به مقيم حي يرزق (معجم البلدان: ٣/٥١)

<<  <  ج: ص:  >  >>