للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقرب الفرج والظهور للغائب المستور، حتى كان من الشيعة من يتوقع خروج الغائب بين لحظة وأخرى، فقد جاء في أخبارهم أن منهم من ترك البيع والشراء والعمل بانتظار الغائب واشتكوا من هذه الحالة حتى قال بعضهم: "لقد تركنا أسواقنا انتظارًا لهذا الأمر حتى ليوشك الرجل منا أن يسأل في يده" (١) .

ولكن الهدف من هذه الوعود هو ما أشرنا إليه من محاولتهم إمرار "لعبتهم" وإزالة شك الأتباع وحيرتهم، وهذا ديدنهم في تعليل الشيعة بالأماني، وتخديرهم بالوعود حتى اعترفوا في أخبارهم: "إن الشيعة تربى بالأماني منذ مائتي سنة" (٢) . وسبب ذلك أنه لو قيل لهم: "إن هذا الأمر لا يكون إلا مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب، ولرجعت عامة الناس عن الإسلام (يعني مذهبهم) ، ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألفًا لقلوب الناس وتقريبًا للفرج" (٣) .

واختلفت رواياتهم التي وضعت لمعالجة مشكلة تحديد فترة الغيبة في طريقة معالجتها، فهي تارة أمر بالتسليم وتقول: "إذا حدثناكم بحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم بحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، تؤجروا مرتين" (٤) .

وهي تارة تعزو سبب إخلاف الوعد للظهور الذي حددته الأئمة بإفشاء الشيعة لسره، ولذلك حينما قال بعضهم: "ما لهذا الأمر أمد ينتهي إليه ويريح أبداننا؟ قال (إمامهم) : بلى، ولكنكم أذعتم فأخره الله" (٥) . وتقول رواياتهم: "إن الله تبارك وتعالى قد كان وقّت هذا الأمر.. إلى أربعين ومائة، فحدثناكم" فأذعتم الحديث،


(١) انظر: روضة الكافي: ٨/٨٠، عن مفتاح الكتب الأربعة: ٣/٣٣١
(٢) أصول الكافي: ١/٣٦٩، الغيبة للنعماني: ص١٩٨، الغيبة للطوسي: ص٢٠٧-٢٠٨، بحار الأنوار: ٥٢/١٠٢. والخبر مروي عن علي الرضا
(٣) أصول الكافي: ١/٣٦٩، الغيبة للنعماني: ص١٩٨، الغيبة للطوسي: ص٢٠٧-٢٠٨، بحار الأنوار: ٥٢/١٠٢
(٤) أصول الكافي: ١/٣٦٩، الغيبة للنعماني: ص١٩٨، بحار الأنوار: ٥٢/١١٨
(٥) الغيبة للنعماني: ص١٩٤، الغيبة للطوسي: ص٢٦٣، بحار الأنوار: ٥٢/١١٧

<<  <  ج: ص:  >  >>