للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما مل الشيعة الانتظار للغائب الموعود حتى قال قائلهم: "قد طال هذا الأمر علينا حتى ضاقت قلوبنا ومتنا كمدًا.." (١) . وأطل عليهم شبخ الشك الرهيب وقد شهد بذلك ابن بابويه القمي حيث قال: "رجعت إلى نيسابور، وأقمت فيها فوجدت أكثر المختلفين عليّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم عليه السلام الشبهة" (٢) .

وقد صورت رواياتهم - التي وضعت لمعاجلة هذا الأمر كما يظهر - حيرتهم في أمر الغائب، وطول غيبته وانقطاع أخباره، جاء في الكافي "عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إن للغلام غيبة قبل أن يقوم.. وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين وهو المنتظر، غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون" (٣) . فعللوا هذا الاختلاف بأنه امتحان للشيعة.

وقد نقلت لنا كتب الفرق أن هذا ما حدث لهم بعد موت الحسن العسكري - كما سبق - فكأن هذه الرواية وأمثالها اخترعت لمواجهة نزعة الحيرة والشك التي داهمتهم بعد موت إمامهم عقيمًا.

وقد أكثروا من الروايات التي تجري هذا المجرى، وتصور واقعهم أبلغ تصوير.

فقد جاء في الكافي: "لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تميزوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم إلا بعد إياس،


(١) الغيبة للنعماني: ص١٢٠
(٢) إكمال الدين: ص٢
(٣) أصول الكافي: ١/٣٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>