للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد" (١) .

فهم يدعون أن ما حل بهم بسبب دعوى الغيبة إنما هو من أجل التمحيص والابتلاء، وأنه إذا تم ذلك رجع القائم، ونسبوا إلى جعفر الصادق: أنه دخل عليه بعض أصحابه وهو يبكي كالثكلى، لأنه نظر - كما يقولون - في كتاب الجفر المشتمل على علم البلايا والمنايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة فقال: "تأملت فيه مولد قائمنا عليه السلام، وغيبته وإبطاءه وطول عمى وبلوى المؤمنين من بعده في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينه.." (٢) .

فهذه الرواية المنسوبة إلى جعفر تتحدث عن درة كثير من الشيعة بسبب دعوى الغيبة التي طال أمدها، وهي قد وضعت - كغيره - بعدما حل بهم هذا الأمر لحضهم على البقاء في نطاق التشيع، وذلك بدعوى أن هذا أمر أخبرت به الأئمة وهو من أمارات رجعة الإمام المفقود.

وقد شهد شيخهم النعماني وهو من شيوخ القرن الثالث، وممن عايش واقع الشيعة في الفترة المبكرة لدعوى الغيبة، فشهادته في ذلك في غاية الأهمية، شهد بشك جميع الشيعة في أمر الغيبة - إلا القليل - يقول: "فإنا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيع، المنتمية إلى نبينا محمد وآله صلى الله عليهم ممن يقول بالإمامة.. قد تفرقت كلمتها، وتشعبت مذاهبها، واستهانت بفرائض الله عز وجل، وخفت إلى محارم الله تعالى فطال بعضهم غلوًا، وانخفض بعضهم تقصيرًا، وشكوا جميعًا إلى القليل في إمام زمانهم وولي أمرهم وحجة ربهم.. للمحنة الواقعة بهذه الغيبة" (٣) .


(١) أصول الكافي: ١/٣٧٠
(٢) الغيبة للطوسي: ص١٠٥-١٠٦
(٣) الغيبة للنعماني: ص١١

<<  <  ج: ص:  >  >>