للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الاعتراض يأخذ بخناق الإمامية، ويجتث جذور اعتقادهم من أساسه.. وقد حاول شيوخ الشيعة دفعه بإجراء مقارنات بين مهديهم وبعض الأنبياء عليهم السلام الذي زادت أعمارهم عن المعدل الطبيعي المألوف للبشر، فالمهدي عندهم شبيه بنوح عليه السلام الذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا (١) .

وأسندوا هذه المقارنة إلى بعض آل البيت لتحظى بالقبول عند أتباعهم، فروى ابن بابويه - بسنده - أن علي بن الحسين قال: "في القائم سنة من نوح عليه السلام وهو طول العمر" (٢) . وكذلك يقولون إن بقاء مهديهم هو كبقاء عيسى بن مريم عليه السلام (٣) . والخضر وإلياس، ويعقدون المقارنة حتى بإبليس (٤) . ويسندون جملة من هذه المقارنات إلى بعض آل البيت لتكسب صفة القطع عن أتباعهم؛ لأنها من قول المعصوم (٥) ، وكذلك يحتجون بأخبار المعمرين من البشر (٦) ، وفاتهم أن يعقدوا المقارنة مع جبرائيل وملك الموت، والملائكة عمومًا وبالسماوات والأرض.

وهذا الدفاع قد أبطله الشيعة أنفسهم؛ لأنهم يقولون بأن مهديهم هو الحاكم الشرعي للأمة منذ أحد عشر قرنًا أو يزيد، وهو القيم على القرآن ولا يحتج بالقرآن إلا به، ولا هداة للبشر إلا بواسطته.. وهو الذي معه القرآن الكامل ومصحف فاطمة والجفر والجامعة، وما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم، فمهديهم مسؤول عن الأمة، ومعه وسائل هدايتهم وسعادتها في الدنيا والآخرة.

أما غيره ممن يعقدون المقارنة به فيختلفون عنه اختلافًا كثيرًا، فإن نوحًا عليه السلام قد


(١) انظر: الغيبة للطوسي: ص٧٩
(٢) إكمال الدين: ص٤٨٨
(٣) عقائد الإمامية: ص١٠٨
(٤) الحائري/ إلزام الناصب: ١/٢٨٣
(٥) انظر هذه الروايات في: أصول الكافي: ١/٣٣٦-٣٣٧، الغيبة للنعماني: ص١٠٨ وما بعدها، إكمال الدين: ص١٣٤ وما بعدها، إلزام الناصب: ١/٢٨٥
(٦) انظر: الغيبة للطوسي: ص٧٩ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>