للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ} (١) ، وقوله: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} (٢) ، وزيادة "لا" هنا لتأكيد معنى النفي من "حرام"، وهذا من أساليب التنزيل البديعة البالغة النهاية في الدقة. وسر الإخبار بعدم الرجوع مع وضوحه، هو الصدع بما يزعجهم ويؤسفهم ويلوعهم من الهلاك المؤبد، وفوات أمنيتهم الكبرى وهي حياتهم الدنيا (٣) .

وإذا كان المقصود إثبات الرجعة فهي رجعة للناس ليوم القيامة بلا ريب (٤) ، أي ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء (٥) .

وتخصيص امتناع رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله تعالى: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} ؛ لأنهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم (٦) .

ومن أشهر الآيات التي يستدل بها الإمامية على الرجعة - كما يقول الألوسي (٧) . - قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا} (٨) . والآية كما يقول المفسرون في يوم الجزاء والحساب، يوم يقوم الناس لرب


(١) يس، آية: ٣١
(٢) يس، آية: ٥٠
(٣) تفسير القاسمي: ١١/٢٩٣
(٤) من المفسرين من يذهب لهذا ويرى أن الآية لتقرير الإيمان بالبعث، وهي تتمة وتقرير لما قبلها وهو قوله تعالى: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} الأنبياء، آية: ٩٣ ... فتكون "لا" فيها على بابها، وهي مع "حرام" من قبيل نفي النفي، فيدل على الإثبات.
والمعنى: وحرام على القرية المهلكة عدم رجوعها إلى الآخرة، بل واجب رجعها للجزاء، فيكون الغرض إبطال قول من ينكر البعث. (انظر: تفسير القاسمي: ١١/٢٩٣) .
(٥) فتح القدير: ٣/٤٢٦
(٦) روح المعاني: ١٧/٩١
(٧) روح المعاني: ٢٠/٢٦
(٨) النمل، آية: ٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>