كتاب الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي

كتاب: القطع في السرقة - ج: 3 - ص: 756

ومنه محَرَّمٌ كـ "الغِنَاء"، (١) والزَّمْر، وشَبَّابَة الراعي، (٢) والدُّفُ للرجال، (٣) وذفُ الصُّنُوج (٤) للنساء ونحو ذلك.

---

(١) وليس ذلك على الإطلاق، بل إذا اقترن بالفُحْش والفُجُور، أو آلَات الطرب، وذكر الُمحَرَّم. أما إذا خلى من كلّ ذلك، فلا بأس بالغناء في المواصم مثل: الأعياد، والأعراس، والختان، وقدوم الغائب ونحو ذلك، وهذا ما يحمل عليه ما ورد من آثار في إباحته، وما ورد من الغناء عن بعض الصحابة والتابعين. ولهذا قال ابن عبد ربه: "أعدل الوجوه في هذا أن يكون سبيله سبيل الشعر، فحسنه حسن، وقبيحه قبح" انظر: (العقد الفريد: ٦/ ٩، ومقدمة محقق كتاب تحريم النرد والشطرنج والملاهي للآجري: ص ٨١، وكف الرعاع للهيثمي: ص ٥٩ وما بعدها، وإغاثة اللهفان لابن القيم: ١/ ٢٤٥).
(٢) الشَبَّابةُ: هي اليراع، وقيل: هي الزمارة. واختلف الفقهاء في تحريمها، والصحيح الذي عليه الجمهور أنها مُحَرَّمة، إلَّا ما نقل عن بعض الشافعية أنها جائزة. انظر: (إغاثة اللهفان: ١/ ٢٤٦، كف الرعاع للهيثمي: ص ١١٢ - ١١٣).
(٣) فإِنَّ ضَرْب الرجال لَهُ اعتبره السلف تَخَنُّثًا، وقد جاء الوعيد لمن يفعل ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تمية: "لما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك مخنثًا، وشمون الرجال مخانيث، (مجموع الرسائل المنيرية: ٢/ ١٧١)، وقال ابن قدامة: "ففي ضرب الرجال به تشبه بالنساء، وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء" (المغني: ١٢/ ٤١).
وذهب بعض أهل العلم إلى جوازه بالإطلاق، واستدلوا بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث "أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدفوف" سبق تخريجه في ص ٢٥٣. قال الحافظ ابن حجر في رد هذه الشبهة: "واسْتُدِلَّ بقوله: " ... واضْرِبُوا ... " على أن ذلك لا يخْتَصُّ بالنساء، لكنه ضعيف، والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء فلا يلْتَحِق بهِنَّ الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن. (فتح الباري: ٩/ ٢٢٦).
(٤) الصّنُوج: جمع صَنْجٍ، وهو عبارةٌ عن آلةٍ ذات أَوْتَارٍ يُضرَب عليها، وذكر الزبيدي أنَّ الصَنْج العرب هو الذي يكون في الدُّفوف ونحوه، وأما الصَّنج ذو الأوتار، فهو دخيل معرَّب يخْتصُّ به العَجَم. (تاج العروس: ٢/ ٦٧ مادة صنج).