للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاصطلاحات، والمحاور الرئيسية في تطوير المفهوم الحقيقي للألفاظ اللغوية والاصطلاحية.

إلا أنه لصفاء أذهانهم رضي الله عنهم، وثاقب فهمهم وسلامة لغتهم، وسرعة طاعتهم وانقيادهم للخير، ومتابعتهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يحتاجون إلى الاستفصال في كثير من مواطن الإجمال، فلما شرع الله الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، والصلاة عندهم "الدعاء" عرفوا المراد من التشريع بسماع التنزيل، ومشاهدة التطبيق من النبي عنه لها بأعدادها وأقوالها وأفعالها، وتركوها فعرفوا الواجب من المسنون والمحرم من المكروه، وهكذا في وقائع التشريع ولغته، (١) وكانوا إذا ما التبس عليهم أمر سألوه - صلى الله عليه وسلم - وهو بين ظهرانيهم فيكشف الوجه لهم، ويبصرهم بالغامض عليهم.

وفي صحيح البخاري ومسلم (٢) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} (٣) شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.ليس هو كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. (٤)

واستمر عصر الصحابة رضي الله عنهم على هذه الوتيرة من السنن المستقيم في اقتفاء آثار النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن فتحت البلدان والأوطان وانتقل العلم إلى الأمصار، وكثر الداخلون في دين الإسلام على اختلاف الأجناس واللغات.


(١) انظر: (فقه النوازل: ١/ ١٣٧ - ١٣٨).
(٢) انظر: صحيح البخاري في الأنبياء: ٦/ ٤٦٥، باب قول الله تعالى: "ولقد آتينا لقمان الحكمة ... " حديث (٣٤٢٩)، ومسلم في الايمان: ١/ ١١٤، باب صدق الايمان واخلاصه، حديث (١٩٧).
(٣) سورة الأنعام: الآية ٨٢.
(٤) سورة لقمان: الآية ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>