للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أجاد العلامة ابن الأثير في وصف هذه المرحلة من التاريخ والحقبة من الزمن وما اكتنفها من تطور وطرأ عليها من جديد. قال ما نصه: "واستمر عصره - صلى الله عليه وسلم - إلى حين وفاته على هذا السنن المستقيم، وجاء العصر الثاني - وهو عصر الصحابة - جارياً على هذا النمط سالكاً هذا المنهج. فكان اللسان العربي عندهم صحيحاً محروساً لا يتداخله الخلل ... إلى أن فتحت الأمصار، وخالط العرب غير جنسهم ... فاختلطت الفرق وامتزجت الألسن، وتداخلت اللغات ... وتمادت الأيام والحالة هذه على ما فيها من التماسك والثبات، واستمرت على سنن من الاستقامة والصلاح إلى أن انقرض عصر الصحابة ... وجاء التابعون لهم بإحسان فسلكوا سبيلهم لكنهم قلوا في الإتقان عدداً، واقتفوا هديهم وإن كانوا مدوا في البيان يداً، فما انقضى زمانهم على إحسانهم إلا واللسان العربي قد استحال أعجمياً أوكاد ... " (١).

وتحقيقاً للسنن الإلهية فى حفظ كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وقد وعد بذلك في كتابه العزيز بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. (٢)

قيض الله تبارك وتعالى رجالاً من أهل العلم والفقه والدراية فأخذوا في تقريب أحكام الشريعة للناس، ويجمعون متفرق الأحكام في قواعد كلية، وتعريفات جامعة مانعة، فبدأت الصيغ العلمية للتعاريف مستوحاة من نور التشريع جارية على قواعد اللغة وسنتها، وهم على اختلاف تعارفهم لا تجدهم يختلفون في قاعدة التعريف ومحوره، وإنما من حيث بعض التعريفات ودخولها في شمول المعرف من عدمه (٣) فأخذت على غرار هذا تقسيمات جديدة تظهر على الساحة الفقهية لأحكام الشريعة، فظهرت الأحكام التكليفية الخمسة، والوضعية الثلاثة "السبب والشرط والمانع".

وهكذا أخذت تنمو هذه التعاريف عبر الأزمان ومن خلال الأفكار، وما


(١) انظر: (النهاية في غريب الحديث: ١/ ٥).
(٢) سورة الحجر: الآية ٩.
(٣) انظر: (فقه النوازل: : ١/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>