للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصابها من تضاد في إبرازها اصطلاحاً فهو صوري لا يؤثر على حقيقتها كما أنزلها الله تعالى وبين رسوله - صلى الله عليه وسلم -، كما أن صنعة الكلمات لا تخرج في صورتها عن لغة العرب وسننها في كلامها.

وفي القرن الثالث الهجري على التحديد بدأت التعاريف الاصطلاحية في الظهور على الساحة الفقهية وذلك حسبما يظهر في كل باب من أبواب الفقه، وفي كل مبحث من مباحث أصوله، وهكذا في سائر العلوم الشرعية.

كما أنه من الطبيعي جداً أن تتطلب الحضارة الإسلامية المترامية الأطراف مادة لغوية جديدة تصاحب هذا التطور الفكري والاجتماعي والسياسي، فنشأت على أثر ذلك طائفة من الكلمات الإسلامية سماها العلماء بعد ذلك "المصطلاحات الإسلامية". (١)

قال ابن بَرْهان: "وصاحب الشرع إذا أتى بهذه الغرائب التي اشتملت الشريعة عليها من علوم حار الأولون والآخرون في معرفتها مما لم يخطر ببال العرب، فلا بد من أسامي تدل على تلك المعاني". (٢)

ومما تقدم يعلم أن لغة الشريعة لم تتكون دفعة واحدة بل مرت بأدوار متعددة وأن نشأتها كما أوضحناه كانت مصاحبة للتنزيل، ثم لبست ثوب التوسع والنمو بتطور التفريع الفقهي ونموه. وقد أكسب هذا الارتقاء والتوسع للمواضعات وعلم الاصطلاح سمة الظهور في جميع العلوم، بل وأفرده العلماء بالتأليف والتدوين كما لا يخفى علينا - بعد هذه الجولة التاريخية - أن للقرآن الكريم والسنة الشريفة الفضل الأوفر واليد الطولى في فتح باب الاصطلاح على مصراعيه، فهما أول من أرسى قواعد المصطلح الإسلامي وذلك في خطة عمل ناجحة. ابتدأت:


(١) انظر في هذا كتاب الزينة لابن حمدان للرازي: ص ٥٦ وما بعدها، معجم لغة الفقهاء: ص ٢٦).
(٢) انظر: (المزهر للسيوطي: ١/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>