للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وأمَّا إذا أمكن العبد أن يفعل بعض الواجبات دون بعض فإنه يُؤمَر بما يقدر عليه، وما عجز عنه يبقى ساقطًا، كما يؤمر بالصلاة عريانًا ومع النجاسة وإلى غير القبلة، إذا لم يُطق إلاَّ ذلك، وكما يجوز الطواف راكبًا، ومحمولاً للعذر بالنص، واتفاق العلماء، وبدون ذلك فيه نزاع، وكما يجوز أداء الفرض للمريض قاعدًا أو راكبًا، ولا يجوز ذلك في الفرض بدون العذر، مع أنَّ الصلاة إلى غير القبلة والصلاة عريانًا وبدون الاستنجاء، وفي الثوب النجس: حرام في الفرض والنفل، ومع هذا فلأن يصلي الفرض مع هذا المحظورات خير من تركها، وكذلك صلاة الخوف مع العمل الكثير، ومع استدبار القبلة مع مفارقة الإمام في أثناء الصلاة، ومع قضاء ما فاته قبل السلام، وغير ذلك مما لا يجوز في غير العذر.

فإن قيل: الطواف مع الحيض كالصلاة مع الحيض، والصوم مع الحيض وذلك لا يباح بحال.

قيل: الصوم مع الحيض لا يُحتاج إليه بحال؛ فإنَّ الواجب عليها شهر، وغير رمضان يقوم مقامه، وإذا لم يكن لها أن تؤدِّي الفرض مع الحيض فالنفل بطريق الأولى؛ لأن لها مندوحة عن ذلك بالصيام في وقت الطهر.

وأما الصلاة: فإنها لو أبيحت مع الحيض، لم يكن الحيض مانعًا من الصلاة بحال، فإن الحيض مما يعتاد النساء كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: «إنَّ هذه شيء كتبه الله على بنات آدم» (١) فلو أذن لهنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلين بالحيض، صارت الصلاة مع الحيض كالصلاة مع الطهر (٢).


(١) سبق تخريجه.
(٢) مجموع الفتاوى له (٢٦/ ١٨٨، ١٨٩).

<<  <   >  >>