للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا فقد تولى الكثيرون من علماء الصالحية الوظائف الكبيرة والمهمة في الدولة كالقضاء وقضاء القضاة في مصر والشام، وتداخلوا في الحكم والسياسة وسافروا لمقابلة السلاطين.

* * *

وينسب الناس الحنابلة إلى الشدة ويصفون من يتشدد في معاملته بأنه حنبلي، وربما يكون ذلك بسبب أنهم يأخذون أنفسهم بالمعروف والنهي عن المنكر وإلى مثل هذا أشار ابن الأثير في حوادث سنة ٣٢٣ هـ -: (وفيها عظم أمر الحنابلة وقويت شوكتهم وصاروا يكبسون دور القواد والعامة، وإن وجدوا نبيذًا أراقوه وإن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء واعترضوا في البيع والشراء، ومشى الرجال مع النساء والصبيان فإذا رأوا شيئًا من ذلك سألوا الذي معه ما هو السبب فأخبرهم وإلا ضربوه وحملوه إلى صاحب الشرطة وشهدوا عليه بالفاحشة) (١١).

ويصفهم بقوله: (هم قوم خشن تقلصت أخلاقهم عن المخالطة وغلظت طباعهم عن المداخلة وغلب عليهم الجد وقلّ عندهم الهزل عزت نفوسهم عن ذل المراياة وفزعوا عن الآراء إلى الروايات وتمسكوا بالظاهر تحرجا عن التأويل وغلبت عليهم الأعمال الصالحة فلم يدققوا في العلوم الغامضة بل دققوا في الورع وأخذوا ما ظهر من العلوم وما وراء ذلك قالوا الله أعلم ولم أحفظ على أحد منهم تشبيها إنما غلب عليهم الشناعة لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار من غير تأويل ولا إنكار والله يعلم أني لا أعتقد في الإسلام بطائفة محقة خالية من البدع سوى من سلك هذا الطريق والسلام)


(١١) المذاهب الفقهية الأربعة لأحمد تيمور باشا ٩١.

<<  <   >  >>