للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعتقد الحنابلة مذهب الأشاعرة في التوحيد؛ نقل العلامة أحمد تيمور عن طبقات التاج السبكي أن أكثر فضلاء متقدميهم أشاعرة ولم يخرج عن عقيدة الأشعري إلا من لحق بأهل التجسيم (٩).

ولم يكن اهتمامم بالعلم مقصورا على الرجال بل الحق أنهم اهتموا أيضًا بالنساء وأحضروهن مجالس الحديث وحلقات العلم فكان لهم شأن أي شأن وبلغن درجة المشيخة والتخصص بعلم الحديث والرواية والتصدر للإقراء ونشر العلم (١٠) وخير مثال على ذلك نجده عند يوسف بن عبد الهادي الحنبلي في كتبه المحفوظة بدار الكتب الظاهرية والتي ينص في أولها على إجازاته وعلى تلقي أولاده وبناته ونسائه كتبه ورواياته … وهذا يدل على عقل متفتح خصب وأفكار نيرة من جهة وعلى وجود مناخ علمي ينبت ويثمر من جهة أخرى، مع أن الجو الأدبي آنذاك كما يرى المؤرخون متسم بالجمود والتصنع والتقليد.

ولما كان العلم والمدارس يستلزمان الكتب فقد كانت مدارس الحنابلة عامرة بالمستنسخات التي تضم دار الكتب الظاهرية بدمشق بعضا من نفائسها فضلًا عما حمل إلى أوروبة وغيرها وكأن الخير يأبى إلّا أن يكون منتثرًا كضوء الشمس الخيّر.

وهذا العلم وذاك الانطلاق اللذان كانا في الصالحية يستدعيان تفتحا للحياة واهتماما بالشؤون العامة واتصالًا مع الناس والأعيان بحسن الصلة،


(٩) المذاهب الفقهية الأربعة لأحمد تيمور ٩٣.
(١٠) يذكر الأستاذ محمد أحمد دهمان في مقدمة القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية أنه "في دار الكتب الظاهرية رقم ٢٤٨ من علم الحديث ورقة رقم ٣٩ من الجزء العاشر من (أسنى المقاصد وأعذب الموارد) من مشيخة الإمام فخر الدين أبي الحسن علي بن أحمد بن أحمد بن عبد الواحد تخريج علي بن بلبان المقدسي يعدّ فيها خمسًا وعشرين شيخة".

<<  <   >  >>