للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعيان الدّولة وقضاة العساكر ثم رجع إلى دمشق، وانجمع عن الناس. وكان يقيم الذكر بعد صلاة الجمعة بالمشهد الشرقي داخل الجامع الأموي تحت المنارة الشرقية بحيث عرف المشهد به ثم يركب حماره ويذهب إلى منزله بالقُبيبات فلا يخرج منه إلى يوم الجمعة القابلة وكان نائب الشام عيسى باشا يحبه ويتردد إلى زيارته، وكذلك الأمراء والقضاة، وللناس فيه اعتقاد تام. وكان متقللًا من العيش، قانعًا في الدنيا، يؤثر لبس القطن الأبيض. وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان بالجامع الأموي في المشهد المذكور، وكان يحضر ختم الشيخ الطيبي كلّ سنة. قال الشمس ابن طولون في تاريخه (٣٥): وفي سنة سبع وثلاثين وتسعمائة سألني الشيخ محمد بن قيصر القبيباتي الحنبلي في عمل شرح على أبيات ثلاثة نظمها في عقيدته وهي:

في الله أعتقدُ الذي قد قالَهُ … عن نفسِهِ وكذا الذي قال الرُسُلْ

عنهُ بغيرِ تأوُّلٍ في ذاتِهِ … وصفاته أو كلّ فعلٍ قد فعلْ

فهوَ الإله الفردُ ليسَ كمثلِهِ … شيءٌ سواه وغيرَ هذا لْمْ أَقلْ

قال النجم الغزي قدس الله سره: قلت: ووقفت على شرح ابن طولون على هذه الأبيات في تعاليقه بخطه: والإيمان بما جاء في الكتاب، والأخبار من الصفات من غير تأويل مذهب السلف، وهو أسلم من مذهب التأويل وهو مذهب الخلف. ورأيت بخط بعض العماء الفضلاء لابن قيصر المذكور:

قنعتُ من الدنيا بأيسرِ بُلغَةٍ … وثوبٍ يواريني وزوجة واحده (٣٦)

وذلك يكفينيْ من الكون كلِّهِ … وما زاد عن هذا فما فيه فائده


(٣٥) هو كتاب مفاكهة الخلان.
(٣٦) كذا في الأصل ولا يستقيم الوزن ولعل الصواب: (وزوجي واحدة).

<<  <   >  >>