للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلجية وأراد بذلك الإزراء بالجد المحبي وعبد القادر وذلك البيت المشهور:

شيئان عجيبان هما أبرد من يخ … شيخ يتصابى وصبي يتمشيخ (٣٠)

فأجابه الجد وكان أصغر منه سنًا وأكبر مرتبة بقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (٣١) وأنشد معرّضًا به وبالمرزناتي المذكور:

لو كان كبْرُ السِّنِ محمدةً … فُضِّلَ إبليسٌ على آدمِ

واستمرت هذه الشحناء مضافة إلى سابقة بين الجد والشمس أيامًا، حتى اجتمعا يومًا في مجلس دعاء للسلطان بالجامع الأموي، وكانا قبل ذلك اليوم إذا حضرا [٤٣ - ب] مجلسا مثل هذا يجلس قاضي البلدة، ويجلس واحد منهما على اليمين والآخر عن الشمال؛ ففي ذلك اليوم جاء الجدّ إلى الطرف الذي فيه الشمس وجلس بينه وبين القاضي، فلما تمّ الدعاء قام الشمس مغضبًا ونادى بأعلى صوته: أتجلس فوقي وأنا مفتي البلدة من منذ كذا، فأجابه الجدُّ كل هؤلاء يعلمون أنّ المفتي بالأمر السلطاني أنا، وأما أنت فلك أسوةٌ بمن يفتي مثلك من غير إذن، فرتبةُ الرُّجحان لي، فكل من حضر صدّق قوله وكان الجميع يغضون من الشمس ويكرهونه لسوء أخلاقه، فيقال إنّه ذهب من ذلك المجلس محمومًا وبقي أيامًا ومات، وكان المترجم كثيرَ الرحلة إلى الروم، وله مع علمائها اختلاط كثير، وكان له فيما يفعله مشايخ الصوفية من النشر والتعويذات شهرة تامة، وكان يروج بذلك مقداره عند الأروام، بسبب اعتقاد المتقدمين منهم ونال بسبب ذلك قبولًا، وأخذ وظائف ومعاليم كثيرة،


(٣٠) كذا قال ولا يستقيم الوزن بهذا الشكل والصواب أن تكون الرواية على الهزج في بيتين أصابهما الخرم في أولهما ويسمى ذلك العضْب:
شيئان عجيبان … هما أبرد من يخْ
شيخ يتصابى و … صبي يتمشيخْ
(٣١) سورة مريم الآية ١٢ والآية بتمامها {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}.

<<  <   >  >>