للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الورع الزاهد الثبت الخير، كان أحد العلماء بالشام الملازمين على تعليم العلم والفتيا، وكان له المتانة الكاملة في الفقه والعربية والفرائض والحساب والتاريخ، ولأهل دمشق فيه اعتقاد عظيم وهو محله وأهله، وكان متجنبًا غالب الناس وله مداومة على تلاوة القرآن والعبادة، أخذ عن الجلة من مشايخ عصره منهم جدنا العلامة شيخ الإسلام البدر محمد الغزي العامري والعلامة أبو الفداء إسماعيل بن إبراهيم النابلسي الشافعي، وأخذ الفقه عن الفقيه الكبير الشرف موسى بن أحمد الحجاوي صاحب (الإقناع)، وأخذ عن [٤٩ - ب] الإمام المحدث الكبير الشمس محمد بن طولون الصالحي. قلت ووقفت له أيضًا على إجازة من الشيخ الإمام منصور بن إبراهيم بن محب الدين الشافعي تلميذ البرهان إبراهيم القلقشندي، وتاريخ الإجازة سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة وفيها أنّ صاحب الترجمة سمع بعضًا من (صحيح البخاري) على المجيز المزبور، انتهى. وبرع في أنواع العلوم ودرّس بعدة مدارس منها دار الحديث بصالحية دمشق بالقرب من المدرسة الأتابكية (٢٢) وكان له بقعة تدريس بالجامع الأموي وعرض عليه قضاء الحنابلة بمحكمة الباب، لما مات القاضي محمد سبط الرجيحي في زمن قاضي القضاة المولى مصطفى بن حسين بن المولى سنان صاحب (حاشية التفسير) فامتنع، وبالغ القاضي ومن كان عنده من كبار العلماء في طلبه فلم ينخدع ولم يلِ القضاء، واعتذر بثقل السمع وأنّه لا يسمع ما يقوله المتداعيان بسهولة، وذلك يقتضى صعوبة فصل الأحكام ولم يزل يتلطف بالقاضي حتى عفا عنه. وكانت وفاته في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وألف. هكذا ترجمه الفاضل المحبي وذكر وفاته. ورأيت بخط تلميذه المرحوم تقي الدين عبد الباقي بن عبد الباقي مفتي السادة الحنابلة


(٢٢) المدرسة الأتابكية: بصالحية دمشق غربيها المرشيدية ودار الحديث الأشرفية المقدسية أنشأتها بنت نور الدين أرسلان بن أتابك صاحب الموصل [الدارس ١/ ١٢٩].

<<  <   >  >>