للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرد في زمنه الشيخ محيي الدين الأدهمي الدمشقي الصالحي الصوفي القادري المعروف بالمرزناتي، وقد قدمنا بقية نسبه المتصل بسيدنا إبراهيم بن أدهم في ترجمة أبيه محمد (١٤). وكان صاحب الترجمة من مشاهير صوفية الشّام، له الوقار والهيبة وعنده إلمام بمعارف كثيرة، وكان مع ذلك أديبًا بارعًا حسن المحاضرة، وله اطلاع كثير على الأشعار والنوادر، ترجمه المحبي فقال: ورأيت بخطّه مجموعًا فيه كل معنى نادر وحكاية مستلذة، وكان رَحَل إلى الروم في سنة ثمان وعشرين وألف ونال بعض جهات في الشام ثم قدم دمشق وأقام في داره بالصّالحية وكان مخالطًا للأدباء وله كرم وإيثار، لا يزال مجلسه غاصًا بأهل الأدب والمعرفة، وكان يجري بينه وبينهم محاورات، وكان ينظم الشعر وشعره مستحسن فمن مشهور ماله قوله وكتب به إلى فتح الله ابن النحاس الحلبي الشّاعر المشهور (١٥) يستدعيه إلى محله:

إن أغلق الأعداء أبوابهم … عني ولم يصغوا إلى نصحي

وزرتني يومًا ولو ساعةً … في الدهر تبغي بينهم نجحي

علمتُ أنّ الحقَّ من لطفِهِ … قد خصّني بالنصر والفتحِ

لا زلتَ في عزٍ مدى الدهر ما … غرّدتِ الأطيارُ في الصُّبحِ

فراجعه الفتحُ المذكور بقوله:

مولاي يا من خصّهُ ربُهُ … بين الورى بالنّصر والفتحِ

في الظهر والعصرِ إلى بابكْم … أسعى وفي المغرِبِ والصُّبحِ

وكيفَ لا أسعى إلى بابِ من … في وجهِهِ داع إلى النُجحِ؟!


(١٤) تقدمت ترجمته في صفحة (١٧٥).
(١٥) هو فتح الله بن عبد الله الحلبي المعروف بابن النحاس شاعر من أهل حلب، قام برحلة طويلة فزار دمشق والقاهرة والحجاز واستقر بالمدينة له ديوان شعر توفي سنة ١٠٥٣ هـ-.

<<  <   >  >>