للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا زلتَ من قدح العدا سالمًا … ولا خلا زندك من قدحِ

وقرأت بخطه هذه الأبيات نسبها لنفسه وهي:

ولقد ذكرتكِ حينَ قابلتُ العدى … والسيفُ يحصد هامهم كالمنجلِ

والرمحُ ميّاسٌ كقدكِ طاعنٌ … قلبَ الشّجاعِ وكلَّ قِرنٍ مقبلِ

والجوُّ صارَ من العجاجِ كأنَّهُ … ليلٌ وذاكَ الليلُ ليس بمنجلِ

والأُسْدُ عابسةٌ كأنْ قد راعها … يومَ الوغى والأمرُ ليس بمشكلِ

فترى الشجاع كأنّ رنّةَ سيفِهِ … أشهى إليه من صفيرِ البلبلِ

وكأنّه في روضةٍ قد فوّفت … بشقائِقٍ وشذاهُ عَرْفُ قرنفلِ

وترى الجبانَ كأنّه من خوفِهِ … يُلوي عنانَ جوادِهِ بتهرولِ

فهناكَ ناديتُ الأحبّةَ ليتهم … نظروا بعينِ ترحُّمٍ وتعقّلِ

هل كان لي في القلب غيرُ هواهم … باقٍ على طول المدى المسترسلِ

لا والذي خلق الخلائق كلّهم … وقضى بطول تسهُّدي وتململي

ما خنت يومًا عهدهم بتغافل … عنهم ولا بمقال زور العُذّلِ

وهذا الأسلوب قد أكثر فيه الشعراء قديمًا وحديثًا ومن جيده قول ابن مطروح (١٦):

ولقد ذكرتكِ والصوارم لُمّعٌ … من حولنا والسمهرية سُطّعُ

وعلى مكافحةِ العدو ففي الحشا … شوقٌ إليكِ تضيقُ عنهُ الأضلعُ

ومن الصِبا وهلَّم جرًا شيمتي … حفظُ الوداد فكيف عنه أرجعُ


(١٦) ابن مطروح: يحيى بن عيسى بن إبراهيم المصري الصعيدي أديب شاعر كاتب ولد بأسيوط سنة ٥٩٢ هـ - وخدم الملك الكامل العادل بن أيوب فجعله ناظرًا على الخزانة في مصر ثم خدم الملك الصالح ووزر له بدمشق ثم عزله وتغير عليه له ديوان شعر توفي في القاهرة سنة ٦٤٩ هـ -[معجم المؤلفين ١٣/ ٢١٧].

<<  <   >  >>